الأحد، 17 يناير 2016

مُعاوِية و يَزِيدْ


الجزء ٣٠ و الأخير 

استمر ضرب المنجنيق
 علي جيش ابن الزبير
متوالياً و غزيرا و متصلا

و جيشه و أنصاره 
محاصرون
و محصورون

لا يستطيعون مقاومة 
او يقدرون علي مجابهة

واضح ان جيش الشام ده فتاك
و عندهم استعدادات عالية جداً

،،،،
خدت بالك انهم سافروا 
من دمشق للمدينة
في ايام قليلة 

و رغم تسميم الآبار في الطريق
لم يتأثروا اطلاقاً

و حاصروا المدينة علي مهل 
و أتقنوا الحصار
و اكتسحوا جيش أهل المدينة
بسرعة فائقة و كاسحة
رغم غياب الفرسان و الصناديد

قائدهم رجل عجوز
و هم يحاربون جيشاً متمترساً
يدافع عن بيته و أهله

و رغم ذلك كانت خسائرهم قليلة
و انتصارهم فائقاً

اكيد كان تجهيزهم و عتادهم
متقدم و متميز
و أعتقد ان كان داخل فيهم ناس
 من الي كانوا
 بيحاربوا زمان مع الرومان

او توارثوا تكتيكات قتالية رومانية 
من الي برع فيها الرومان
 علي مدي قرون
و فتحوا بيها 
الكثير من الحصون التي كانت
أشد استغلاقاً و منعة من " المدينة"

مزجوا ده بالجلد و الصبر
 و قوة التحمل الفائقة
عند العرب وقتها 

قبل تفشي أمراض المدنية
من كسل و بدانة و جُبن
و ضعف همة و قلة الحافز للقتال
و الركون للحياة الهادئة اللطيفة

فعلي مر العصور
كان البدو يهاجمون
 الحضارات الزراعية المجاورة
 

كل ما يتوافق ضعف 
الإمبراطوريات الزراعية
مع توحد  القبائل البدوية 
 تحت قيادة قوية،،

كان بيحصل نقلة تاريخية
و اندماج أجناس كتير
و تغيرات اجتماعية و ثقافية كبيرة

و لنا في جنكيز خان و ما فعله 
في امبراطورية الصين القوية
في سنين قليلة 

ثم تدمير المملكة العجوز
في بغداد في لمح البصر
علي يد ورثته

خير دليل علي قدرة 
المحاربين البدو الأشداء
علي اكتساح الحضارات العريقة حولهم

ما بالك بقي بالقوة الفتية  العربية دي  
لما تتملك السلاح الحديث و تتقنه؟

تري منها مثلما تري
 من أفعال جيش الشام ده

الي قدر يعمل انتصارين حربيين قويين
علي جيش المدينة و جيش مكة

بينما المدينة دي
لم يقدر العرب أبداً عليها 
في الجاهلية

و حتي عندما اجتمعوا
 في موقعة الأحزاب 
بجيش يساوي او يفوق عددا 
جيش الشام ده

و حاربوا جيش المسلمين وقتها
الي كان اقل بكتير جدا
من الجيش الي دافع عن المدينة
في موقعة الحِرة

فنظراً لكون أسلحتهم بدائية
و جهلهم بأساليب الحصار الناجحة
فشلوا وقتها فشلاً ذريعاً بأمر  الله
بعد حصار طويل،،

بينما جيش الشام 
الموضوع لم يأخذ معاه 
غَلوة براد شاي
او ساعة من نهار

حتي ان جيش اهل المدينة 
استغربوا جداً 
هزيمتهم السريعة و القاسية دي

رغم استعدادهم القوي
 و حماسهم و إيمانهم 

،،،،،

نيجي بقي لنفس الجيش
و هو بيكمل في الصحراء برده
مسافة طويلة وسط بيئة عدائية
من المدينة ل مكة
و رغم موت القائد
كملوا مشوارهم باحترافية كبيرة
مفيش عياط او خناق او تنازع

مُعتاداً مارش
واحد اتنين
و مأمنين نفسهم كويس
من هجمات القبائل الي ممكن تسلبهم
سلاحهم او فلوسهم بسهولة
و ممكن يصطادوهم
 عادي جداً في الصحراء دي

فيه جيش كامل ضاع
 في الصحراء الغربية
هو جيش قمبيز الفارسي 

دخول اي جيش محترف
للصحراء و استمراره في طريقه
و الوصول لهدفه

ده إنجاز كبير

فما بالك بالفوز في الحروب
مع السكان المحليين 
المتحصنين و المتحمسين؟؟

عسكرياً،
ده دليل قوة غير اعتيادية،،

طبعاً عاطفياً و دينيا و إنسانيا 
كانت مجازر مروعة و خسارة مهولة

،،،،
ذكرنا الكلام ده 
عشان نوضح سبب مهم و قوي
خلي الامويين يحكموا العرب
عشرات السنين 
رغم كثرة الكارهين لهم
زي مانتوا شايفين 

 السبب هو. 
الجيش الإمبراطوري الشامي  العربي
النسخة المطورة من
 الجيش الإمبراطوري الروماني
،،،،،
متخيلين يعني ايه
انهم ينصبوا منجنيق فوق الجبال
المحيطة بوادي مكة؟؟
وسط الحرب و القتال؟ 

ده معناه وجود فنيين و مهندسين
و متخصصين 
في الحروب الميكانيكية
علي درجة عالية جداً

و خطوط إمداد و نقل
علي مستوي رفيع
نقلت الآلات الحربية دي
من دمشق لأكثر من الف كيلو

و استطاعت إصلاح الأعطال الي اكيد
حصلت في الطريق
او أثناء معركة الحِرة
بسرعة و دقة

لا أستبعد اطلاقاً 
ان أسلحة مماثلة تم استخدامها
لكسر الجدران المحيطة بالمدينة
و التسلل بسرعة داخلها
او لتفريق القوات المتحصنة في الخنادق،،

لازم ندور علي أسباب نجاح الجيش ده
فيما فشلت فيه جيوش أقوي الممالك 

و ما يوم ذي قار 
و هزيمة الفرس ببعيد

و ما هزيمة جيش أبرهة
عندما نوي الهجوم علي مكة
 و رجوعه مدحورًا ببعيد أيضا

،،،
طبعاً احنا كلنا اتربينا
علي تفسير شهير؛ 
الطيور العملاقة
 الي قد الأفيال 
و الي شايلة أحجار نارية ملتهبة

و بتلقي بها علي الجيش
الي احترق و انتهي
عقاباً له علي هجومه
 علي مكة و الكعبة

و ده تفسير شائع فعلا
لسورة "الفيل "

بس لو سمعته 
من اي حد علي 
أي حكاية تانية
في أي حتة تانية 
أكيد هتتردد في تصديقه حرفياً

و مش عيب علي فكرة
و لا كُفر و لا حاجة
،،،

الامام محمد عبده
في تفسيره العصري للقرآن 

قال ان الي أصاب الجيش
كان شدة العطش و قلة الزاد
و كثرة المرضي
و تفشي الأوبئة فيهم

و منها الجدري 
الي كان بيخلي جلد الجنود 
ينشف و جثثهم تتحلل بسرعة

- الطير يعني الجراثيم
و الحجارة النارية هي 
تقرح الجلد و احتراقه-

يعني غياب التخطيط
و ضعف الإمكانيات 
و قلة الاعتناء بالتفاصيل
هي الي ضيعت جيش أبرهة،،
بأمر ربنا أكيد
،،،،

و تاريخيا علي فكرة
وباء الجدري
 ضرب المنطقة المحيطة بمكة
في الفترة دي

قُرب ولادة النبي 
و استمر لسنوات
و قيل ان ده
 كان سبب استمرار النبي
مع حليمة السعدية مرضعته
 حتي بعد فطامه
لان منطقة مكة كان فيها الوباء
و الدخول و الخروج كان محدود
زي الحجر الصحي كده

،،،،،،

ليه بقي بنقول
 كل القصة الطويلة دي؟؟

لان جيش الشام ده 
و هـو بيضرب فلول جيش الزبير
المسلمييييين
ال مستخبيين
 في البيوت حول الكعبة
و جوا الكعبة 
 و الي عملوا جدران حواليها
من الخشب و النسيج و ربطوه الحبال

كان بعض الضرب بييجي في الكعبة!!!
بطبيعة الحال

و لم تتنزل عليهم طيور العنقاء
او تمطر عليهم الحجارة الملتهبة
و لا حتي انهزموا او اتغلبوا
،،،

مع ان الكعبة ايام أبرهة
كانت مليانة أصنام 
و ترتكب حولها  كافة الموبقات
و سكان مكة كانوا كُفار

في حين أبرهة و جيشه
 كانوا مسيحيين
يعني هو عند ربنا أفضل منهم

،،،
ده لازم يخليك تفكر ليه الجيش 
بتاع جند الشام ده
وصل لحد هنا عكس كل التوقعات
و يمكن لأول مرة في التاريخ

و ضرب الكعبة و المتحصنين بها
بالحجارة و المنجنيق

و كلها أحكام الله تعالي  و مشيئته
 تجلت حكمته الخفية
عن أذهاننا القاصرة
،،،،،،

الان و قد وصلنا لتفسير مقنع
لنجاح جند جيش الشام
فيما فشل فيه كل من عداهم

نكمل الحكاية

قلنا ان جيش الزبير كان اتغلب

و آخر رجاله الأقوياء
المِِسْوَر بن مَخرَمَة 
قُتِلَ بحجر طائر من أثر القصف
،،،،
قبله كان مُصعب بن عبد الرحمن
بطلهم القوي الآخر قد  قُتِل و مات

و الوضع كان بائس لدرجة السؤال:
أمتي ابن الزبير
نفسه يموت بضربة مشابهة
و ساعتها الجيش ده يتفكك ما بقي منه
،،،،

و قلنا ان الضرب ده
كان مش عجز عن القتال داخل مكة،،
خلاص ابن الزبير كان انهزم
و تقهقر في البيوت

بالعكس 
ده كان الحل
 الي شاف الحُصين و رجاله 
انه أهون من نزوله بجنده و خيوله
يقتل الشراذم الباقية دي
وسط صحن الكعبة

و ابن الزبير كان عارف
 انه لا يمنعهم
من الإجهاز عليه و علي رجاله
 الا انهم بقوا داخل الحرم
و مبيخرجوش منه

ابن الزبير و رجاله كانوا
هُزموا و انتهي الامر

و صاروا غير قادرين 
علي القتال الحقيقي
  في معركة  مكشوفة
،،،

مش بس كده
دول كانوا كمان بيولعوا نار
و يقعدوا حواليها

و حصل ان شرارة من النار دي
مسكت في الخشب و القماش 
الي عاملين منهم
درع يستخبوا وراه

و في ثواني معدودات
الكعبة و بناءها بقي مولع نار 
و في دقائق احترقت ،،
،،،،،،،

مصيبة و أي مصيبة،،،

لم يفعلها الكفار في مكة
أيام الجاهلية 

لم يتقاتلوا ابداً
داخل مكة او صحن الكعبة 
بل كانت مكاناً آمناً
يلجأ الاعداء اليه و يتلاقون 
و بينهم ميثاق أخلاقي،،، 
منع القتال و العدوان

و فعلها المسلمون
فعلها الصحابة و التابعين 
من الطرفين لا نُبرئُ أحداً

و يبؤ كلاهما بذنبها
و قد باءا 

و لا حول و لا قوة الا بالله،،
،،،،

صرخ الناس صرخة موجعة
انشقت قلوبهم هلعاً
و انتظروا 
ان تتساقط السماء عليهم كسفاً

حتي ان سيدة من اهل مكة 
ماتت ذعراً من شدة الخوف
 من عقاب الله الواقع
،،،،

أخذ الجيشان في البكاء و الصراخ
و الابتهالات لله بأن يرحمهم!!!؟؟؟

،،،،،
غريب جداً أمرهم
هو كان ايه المتوقع مش فاهم؟؟؟
خشب و نار و طوب بيتحدف!!

كل ده جوه صحن الكعبة
علي بعد أمتار منها!!!
أضف الرياح الشديدة في بطن الوادي

أكيد هـ تولع يا جماعة!!!؟؟؟؟

و ربنا أجل القضاء
عشان ياخدوا فرصة
 للرجوع عن غيهم
و لكن الطرفين أجرما
 و استحقا قضاء الله،،،

،،،،،،

خِرْ ابن الزبير نادما ساجدا لله،،،
"اللهم اني لم اتعمد ما جري
فلا تهلك عبادك بذنبي
و هذه ناصيتي بين يديك"

الآن أدركت ذنبك؟؟!!
،،،

طبعا فيه احاديث- كالعادة-
بتتنبأ بالقتال في الكعبة!!!
و ان المسلمين بس هما الي 
هيتقاتلوا فيها!!!

حاجة حلوة خالص الحقيقة

 ( يبايع لرجل مابين الركن و المقام ،
ولن يستحل البيت إلا أهله
 ، فإذا استحلوه ،
فلا يسأل عن هلكة العرب )

رواه أحمد

" يكون اختلاف عند موت خليفة
 فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة
 فيأتيه ناس من أهل مكة 
فيخرجونه وهو كاره
فيبايعونه بين الركن والمقام
 ويبعث إليه بعث من الشام
 فيخسف بهم 
بالبيداء بين مكة والمدينة
،،،،،،،،، الي آخره"
رواه أحمد و الطبراني 
،،،،

و غير ذلك و شبهه الكثير
و لن نطيل
،،،،
سلسلة ذهبية يا مولانا
كل شئ مكشوف و معروف
،،،،

المهم ان دراسة الكلام ده
و النقاش في مثل الروايات دي
شغل بال الفقهاء مئات السنين 

و تستغرب ليه المسلمين حالهم وصل 
للدرك الأسفل كما هو الآن ؟؟

،،،،،
طبعاً عند ناس كتير
السبب ان المسلمين تركوا الجهاد 
،،
لا يا مولانا 
كانوا بيجاهدوا من زمان أهه
بس في دم و أعراض 
و مال بعضهم البعض،،
،،،،،،،

برده ابن الزبير
 مبيستسلمش ابداً،،

عارف الراجل الي بيلعب طاولة
و  ممسوك في الخشب من اول رمية زهر؟
و المفروض يهد الدور 
و يقول اتغلبت خلاص،،

بس لسه بيلعب و مكمل برده،،
و اما سألوه انت مكمل ليه؟؟
القَواشيط ممسوكة و اكيد هتخسر،،

قام شاور علي الي بيلاعبه و قالهم،،
مش يمكن يموت؟؟

،،،،
ده كان بيقلد ابن الزبير،،

الي كان مستني يزيد يموت!!!
،،،

و فعلاً
وصل الخبر بوفاة يزيد
و نادي ابن الزبير جيش اهل الشام
ان الخليفة مات
انتوا بتحاربوا ليه؟؟

و هنا الجيش فعلا لقاها حجة
انهم يخلصوا من الحرب المشبوهة دي ،،
،،،

نزل الحصين يتكلم مع ابن الزبير
يتفاوضوا علي الخطوة الجاية
و هو عمال يحرك الحصان يمين و شمال

ابن الزبير استغرب 
و قاله اثبت يا جدع
فيه ايه؟ مالك؟

قاله خائف الحصان يفعص حمامة
و يقتلها في الحرم !!!!؟؟؟
،،،،

طبعا الحكاية دي 
كوميديا سوداء
المضحكات المبكيات

يمكن تكون مش حقيقية
بس طريقة التفكير دي
حقيقية جداً
عند ناس كتيير جداً
،،،،،

توفي يزيد 
عن عُمر بين الأربعين و الخمسين

فسبحان من له الدوام
 و له كل ما في الارض من أنعام

،،،،،

 
يليه بمشيئة الرحمن
الجزء الرابع

" ابْن الزُبَيْر و ابْن مَرَوَانْ"
،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق