الجُزء ٢٣
بُعثت الرؤوس
الي عبد الملك في دمشق،،
و تم تعليق و صلب
جثة ابن الزبير
علي خشبة في مكة
اتباعاً للعُرف السائد
في هذا العصر و هذه البلاد!!!
،،،،
تعليق جثة القتيل الثائر
بِ يحقق عدة نتائج
اولا
الإشهار و التحقُق
ناس كتير بتقدر تيجي
في اي وقت ليل نهار
بعد وقت الوفاة
- الي مبيكونش حضره إلا قلة من الناس-
و يتأكدوا بنفسهم
ان خبر القتل صحيح،،
و ان القتيل لم يهرب
او ينجح في الاختفاء،،
و بكده يذيع الخبر
بين ناس كتير،،
و يتحقق التواتر
و الرؤية المؤكدة
و تنتفي اخبار
التكذيب و التشكيك،،،
تقدر تقول عليه انه شكل
من الشفافية و المصداقية
في التعامل مع الأخبار !!؟؟؟
طب و ده ايه المكسب منه؟
ما يتدفن الراجل
و قبره يبقي شاهد وفاته،،
طبعا لا
ممكن اي جثة تندفن في القبر
و محدش هينبشه عشان يتأكد!!
إنما القتيل يتقتل من هنا
و يتعلق علي طول بعدها
يبقي حاضري القتل الي بالعشرات،،
هيأكدوا للي هييجوا بالمئات
يشوفوا الجثة
علي صحة الخبر،،
و دول هيروحوا
يحكوه لمعارفهم الي بالآلاف،،
و دول
هينقلوه لعشرات الآلاف
في حكاياتهم!!
و ده نقلا عن ناقل
في متوالية هندسية
تنقل فيها الخبر
في سلسلة إخبارية
طولها أربع أفراد بس
(١)الي حضر القتل،
(٢)و الي شاف الجثة
و تأكد من الي حضر القتل،
(٣)و أقارب و معارف
الي شاف الجثة و رجع حكي لهم،
(٤)و حاضري مجالس
الحكايات و السمر
الي سمعوا أقارب الي شاف الجثة،،
طبعا معروف
ان التغيير و التحوير
ممكن جداً
في اي جزء من السلسلة،،
بس يظل الخبر الأكيد الوحيد
هو ان الثائر قُتِلَ و صُلب
و هو المطلوب إثباته ،،،
،،،
ثانيا
إشاعة اليأس و الإحباط
بين أنصار الثائر من دول
بأنهم يشوفوا قائدهم مُعلق
لا حول له و لا قوة،،،
و إيحاء نفسي لهم
بقرب مصيرهم من مصيره
في حالة إصرارهم علي تقليده،،،
و إشاعة الفخر و القوة
بين أنصار الدولة
الي بِ يتمسخروا علي الثائرين
بإن زعيمهم كان متعلق زي الفرخة،،،
،،،،
ثالثا
اكيد طبعاً مقصود
الإهانة و التحقير،،
و التنفير من الثائر و إظهاره
بأقذر منظر ممكن لأي بشري:
جِي،ة مُنْ،نة ،،
و ده لوضع الصورة الذهنية دي
عنه لدي واضعي الاخبار،،
و سؤ المنقلب و عفونة الخاتمة
لدي هذا الثائر و اشباهه،،،
و انتوا عارفين
ان في ثقافتنا الشعبية
الاعمال ب "خواتيمها"
و الي آخرته عفن و نتانة
مفهوم يبقي ايه،،،
،،،،
لتأكيد النقطة دي
نحكي قصة هنا
يقال ان عبد الله بن الزبير
لما دخل المعركة الاخيرة دي
و هو عارف مصيره
قبلها بفترة،،
تجهز لذلك
و امتنع عن الأكل لفترة
- أكله كان قليل اصلاً-
حتي لا يكون في أمعاؤه طعام
يتسبب في العفن و العطن،،
و كمان فضل
يتعطر و يستخدم دهان المِسك
لفترة طويلة،،
و الدهان ده
فيه زيوت بتتخلل مسام الجسم
و تخلي افرازاته
رائحتها زي المسك كده،،
زي الثوم لما ينضح
علي عرقك كده،،
المسك ممكن ينضح
علي كل جسمك،
و في الحرارة الشديدة
الجثة ممكن تنشف بسرعة،،
و العفونة البكتيرية
ممكن تحصل ببطء
- للصيام و غياب مادة التخمر للبكتريا-
و كده الريحة الوحشة متظهرش
و بالعكس
ريحة المسك تظهر فيها!!!
و بكده الجثة -للغرابة الشديدة-
ممكن تبقي تطلع ريحة مقبولة
و هادية و يمكن حلوة كمان؟؟؟
و دي حيلة كان بيعملوها
بعض المحاربين القديرين و الاغنياء
في الحروب القديمة،،
لان اي حرب داخلينها
ممكن يموتوا فيها،،
و عايزين جثثهم
تبقي ريحتها معقولة
عشان تتعامل معاملة كريمة،،
بعد الوفاة مش تترمي بقرف
في خندق او حفرة
مع العامة و الدهماء كده !!!
،،
الحجاج لما لقي
الجثة معفنتش قوي
و ريحتها مش منتنة،،
راح جايب جثة
فرخة او قطة ،،
و خباها وراه علي الخشبة
عشان ريحتها العفنة
تغطي علي الجثة،،
شفت بقي انه كان
شديد الكراهية لابن الزبير
لدرجة مش طايق
ان جثته المعلقة علي خشبة
تبقي ريحتها مش معفنة!!!
،،،،،
،،،،،،
مسألة بقي الوحشية و الهمجية
في الفعل ده،،
- قطع الرأس و الصلب-
فمكانش وقتها
بنفس درجة الاستنكار الحالية،،
العقوبة الكبيرة
تحتاج اشهار و تنكيل،،
،،،
،،،
و شفتم ازاي ان ايام الثورة
كان الناس العاديين
بيحرقوا و يعلقوا جثث الحرامية،،
علي عواميد النور
و محدش مضايق خالص،،
بالعكس مبسوطين
و شايفين ده اشهار و تهديد،،
،،،
واهية جداً قشرة الحضارة
،،،،
فضلت الجثة معلقة كده فترة
لغاية ما نزلت،،
في الفترة دي
جري حوار تاريخي بين
السيدة اسماء و بين الحجاج،،
بيقولها شفتي ابنك
العاصي المُلحد
ربنا شفي قلوبنا منه
و خلي آخرته سودة ازاي ؟؟
قالتله انت الي آخرتك سودة
و في جهنم يا مُبير!!؟؟
قالها مبير للملحدين
و أعداء الدين
الي زي ابنك!!!؟؟
،،،،،
الحوار ده لازم نشرحه بالراحة
لانه كاشف و منير
لمن أراد ان يري بحق ،،
ليه الردح ده؟؟
تعالوا نفهم سوا،،
الحجاج الفقيه و العلامة
بيقول ان عبد الله ابن الزبير
هو المقصود
بالرواية الشهيرة عن الرسول
و الصحيحة
في مُسند الامام أحمد بن حنبل:
حدثنا محمد بن كناسة
حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه
قال أتى عبد الله بن عمر
عبد الله بن الزبير فقال:
يا ابن الزبير إياك "والالحاد"
في حرم الله تبارك وتعالى،
فانى سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول
إنه سُيلحِد فيه رجل من قريش
لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت !!
قال فانظر لا تكونه..
،،،،
اييييييه؟؟؟
ابن الزبير
اتقال له
فيه نبؤة من النبي
انه واحد من قريش
هيُلِحد في الحرم
- يعني يكسر قداسته و سلامه-
و يتحصن و يعسكر فيه
و انه من الخاسرين عملا !!؟؟
و برده ألحَد و تحصن بالحرم
و خالف كلام النبي؟؟!!!
ايه ده!!؟؟
اكيد ده حديث موضوع،،،
مش ممكن الصحابي الكبير
و احد الي جمعوا القرآن
يبقي من الخاسرين عملا
و يخالف قول النبي،،،
ده عقلك طبعاً الي بيقول،،
،،
طيب تعمل ايه
في السلسلة الذهبية
الي فوق دي؟؟
و روايات تانية بتسمي
المُلحد ده ب اسم عبد الله!!!!!
وِش كده!!!؟؟
تعمل فيها ايه هي كمان؟؟
هـ ترفضها ؟؟
يبقي انت صدقت فعلاً
ان السلسلة القوية
لا تعني ان الرواية
صحيحة بالضرورة!!!
،،
هـ تقبلها؟؟؟
عيش مع نفسك
و اقنع نفسك بأي تبرير
بس اكيد ستفشل،،،
،،،
طبعاالسيدة أسماء
بترد علي الحجاج
بصفتها الصحابية الكبيرة الشهيرة
و تقول له:
النبي قال
" يخرج من ثقيف كذاب و مُبير "
عرفنا الكذاب
-قصدها المختار الثقفي؟؟-
فأنت المبير
-يعني النبؤة بتقول انه فيه
من ثقيف شخصين وحشين
انت منهم
"المُبير يعني المُهلك المبيد"-
بصرف النظر
عن الوصف البسيط
في القبح و التشنيع،،
كذاب و مبيد!!
دي ولا حاجة قدام
الي ذنوبه وزن الجبال يا جماعة،،
،،
اللجؤ للروايات التنبؤية
الي كانت بتظهر
في البلورة المستقبلية
و كل حاجة كانت مِتشافة و معروفة،،
و الصحابة بس
هما الي عاملين
زي الراجل الي
بِيزق صخرة ضخمة
اعلي الجبل الطويل،،
و اما يوصل القمة الصغيرة
الصخرة تتدحرج و تقع طبعاً
و هو ينزل تاني يزقها لفوق
باستمرار و للأبد،،
مع انه
اما عارف انها اكيد هتقع
و بكده هو مجنون،،
،،
او مش عارف انها هتقع
و بكده هو عبيط،،
و في الحالتين هو عابث
ضد قدر لا فكاك منه،،
،،،
اسمها أسطورة سيزيف
في الميثولوجيا اليونانية
،،،
الي يصدق الروايات المتناقضة دي
و ميقدرش يميز الغثاء فيها،،
بيشبه الصحابة و التابعين كلهم
بأنهم زي أخونا سيزيف ده،،
،،،،
عموما الانكت بقي
ان الحجاج مزعلش خالص
و قالها ايوه
انا مبيد للملحدين
اعداء الله زي ابنك!!!؟؟
دي مناظرة فقهية بقي
في شكل ردح متواصل،،
،،،،
طبعاً احنا لسه سنة ٧٣ هـ
و مسألة السجال بروايات النبي،،
مكنتش موجودة لسه
لان النبي نفسه كان بينهي
عن تسجيل كلامه الشخصي،،
و كان توجيهه للناس في تقليده
في صلاته
و تعبده
و أسلوب حياته
مش المبارزة بكلام منسوب ليه،،
السجالات دي
ظهرت بعدين
من وضع الفقهاء المتأخرين،،
الي كان لازم يشوفوا حل
للمشاكل القانونية الي عندهم،،
و يلزقوها في انها محلولة مقدماً
من عند النبي
و كل واحد يدفع
بما يراه يؤيد حجته و رأيه،،
،،،،
عموما لو كنت مصدق
الرواية بتاعة الحوار
الخيالي الفانتازي ده،،
فأكيد انت شايف دلوقتي مين
الي حجته أقوي
و دليله أمضي ،،
اكيد مش أسماء بنت ابي بكر
زي ما قالولك طول عمرك،،،
،،،
عندي ان أمثال الروايات دي
منحولة و مزورة بوضوح،،
لتأييد الموقف السياسي لفريق ما
بأدلة مقدسة،،
زي كل الي كان
بيحصل من قتل متبادل
طول الوقت زي مانتم متابعين،،،
،،،،،
ظلت الجثة معلقة فترة طويلة
حتي تحللت جزئياً،،
و في الوقت ده
كان عروة بن الزبير
أخو عبد الله الشقيق
والفقيه العلامة،،
كان راح دمشق
عند الخليفة عبد الملك
و سلم عليه بالخلافة و الإمارة،،
و فرح بيه عبد الملك
لأنهم كانوا زمايل صبا
زي هو و مُصعب كده،،
و قعده جنبه و أكرمه آخر كرم
و قاله أؤمر و أمرك نافذ،،
قاله جثة اخويا بس تنزل
عشان نقدر ندفنها!!!
فوراً
صدر الأمر المكتوب
و أخده عروة و رجع مكة،،
و إداله للحجاج
الي قال سمعاً و طاعة!!
و نزل الجثة المتحللة
و أخدتها الام المكلومة الصابرة،،
و غَسَّلت ابنها بنفسها
و تم دفنه بدون جنازة او صلاة
و قيل دُفن في مقابر اليهود؟؟؟؟!!!
رُوي ذلك في صحيح مُسلم،؟؟؟
،،،،
توفيت السيدة اسماء
بعد ذلك بأيام قليلة
،،
الكمد و الحزن
اكبر من طاقة البشر
و حسبها انها تجلدت
و فعلت مما فعلت
فهو مما لا يطاق عند اغلب الناس!!!
،،،
مر سَمِيُه
عبد الله بن عُمر بن الخطاب
و رآه علي هذه الحالة
فأوجد ذلك قلبه
و قال:
السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ ،
قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ،
لَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ ذَا ،
قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ،
لَقَدْ كُنْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا ،
تَصِلُ الرَّحِمَ ،،،
،،
انت الي جِبته لنفسك
و مكنش ليك فيه،،
،،،،
رحم الله عبد الله بن الزبير
و تجاوز عن سيئاته
و تقبله بقبول حسن
،،،،
دي كانت
نهاية أسطورة عبد الله بن الزبير
و بداية أسطورة عبد الملك بن مروان
،،،،
تابعونا،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق