الجزء ١٧
و الاخير
""فيا عجبا والله
يميت القلب ويجلب الهم،،
من اجتماع هؤلاء القوم
على باطلهم وتفرقكم عن حقكم،
فقبحا لكم وترحا ،
حيث صرتم غرضا يرمى،
يغار عليكم ولا تغيرون،
وتُغزون ولا تَغزون,
ويعصى الله وترضون
فإذا أمرتكم بالسير إليهم
في أيام الحر
قلتم: هذه حمارة القيظ،
أمهلنا يسبخ عنا الحر،
وإذا أمرتكم بالسير إليهم
في الشتاء
قلتم: هذه صبارة القر،
أمهلنا يسبخ عنا البرد،
كل هذا فرارا من الحر والقر،
فإذا كنتم من الحر والقر تفرون،
فإذا أنتم والله
من السيف أفر
يا أشباه الرجال ولا رجال
حلوم الأطفال
وعقول ربات الحجال،
لوددت أني
لم أركم ولم أعرفكم،
معرفة والله جرت ندما،
وأعقبت سدما،
قاتلكم الله،
لقد ملأتم قلبي قيحا،
وشحنتم صدري غيظا
وأفسدتم علي رأيي
بالعصيان والخذلان
حتى لقد قالت قريش:
إن ابن أبي طالب رجل شجاع،
ولكن لا علم له بالحرب..
لله أبوهم،
وهل أحد منهم
أشد لها مراسا مني
وأقدم فيها مقاما؟
لقد نهضت فيها
وما بلغت العشرين،
وها أنذا
قد ذرفت على الستين
ولكن لا رأي لمن لا يطاع
لا رأي لمن لا يُطاع
لا رأي لمن لا يُطاع،،،،،"""
الامام عَلِي بن ابي طالب
من خطبة النهج في ذم أهل العراق
،،،،،
الترجمة:
و الله أنتم حالكم عجب العجاب
حاجة تجيب الهم و تقصف العمر
أهل الباطل ثابتين
و أنتم علي الحق و متفرقين
جتكم نيلة و خيبة
بقيتم زي المصايب كده
يضربوكم و يقتلوكم
و أنتوا ساكتين
تشوفوا معصية ربنا
و أنتوا برده ساكتين
أقولكم يلا نحاربهم
تقولوا لا الدنيا حر
الحر يمشي
لا الجو برد
اذا كُنْتُمْ يا حيلتها انت وهو
خايفين من البرد و الحر
يبقي اكيد اما تشوفوا السيوف
هتفلسعوا من الخوف
شوية عيال و عليا النعمة،،
و الحريم عقلهم انضف منكم،،
كان يوم اسود يوم
ما عرفتكم و صدقتكم،،
جبتولي الهم و الغم
و طقت مرارتي من الغيظ
روحوا الله لا يكسبكم
خليتوني بقيت هايف و مفروس
حتي ان بتوع قريش
بقوا بيقولوا عليا
أني مليش في الحرب
و جدع بركة و طيب
أنا الي بحارب بقالي أربعين سنة
من ايام ما كانوا الي بيتكلموا
لسه عيال بترضع
بس الحق مش عليهم
أنا الي جبت ده كله لنفسي
أنا الي جبت ده كله لنفسي
أنا الي جبت ده كله لنفسي،،،
،،،،،،
طبعا بعد الخطبة دي
الي كانت تقريبا في اخر سنة
من حكم الامام عَلِي
لما دعا الناس يخرجوا لصد هجمات
جيوش معاوية المتتالية
و محدش طلع،،
تقدر تعرف ان ده مُلك و سُلطة بتنهار،،
و فاضل نفخة بسيطة و يتهد،،،
هو اخر جملة أنا
ترجمتها ترجمة غريبة شوية،،
"أنا الي جبت ده كله لنفسي،،،"
مع انه معني كلامه
مش كده بالظبط
هو بيقولهم أنكم بعدم طاعتكم
ضيعتوني
و خليتوا أمري و مُلكي هباء،،
بس أنا شايف انه تقريبا
قرب يُلطُم علي وشه
لولا طبعا انه
الامام الكبير عَلِي بن ابي طالب،،
و حاله و شعوره
شبيه بعبد المنعم مدبولي
في فيلم " الحفيد"
كل حاجة بتطربق علي دماغه
كل الي حواليه بيحملوه المسئولية
و محدش تقريبا بيساعده
او حاسس بيه،،،
،،،
فيه خطبة تانية
بيقول فيها :
أمتي ربنا يأخذني و أخلص،،
بجد ده مكتوب
بس بالفُصحى،،
،،،
واضح انه كان ملئ
بالحسرة و الهزيمة و خيبة الأمل
و الغضب ممن حوله
و إلقاء اللوم عليهم لفشله الذريع،،،
،،،،،
-هل كان الامام مُقصرا
في تطبيق شرع الله؟؟
ده مفيش حد
من الخلفاء الراشدين
كان أحرص منه
علي الاقتداء بسنة الرسول،،
حتي في مسالة
الفئ و توزيعه
رجع لسنة الرسول
و ساب حكاية بيت المال و الأعطيات
الي ابتدعها عُمر،،
-حكاية" التحكيم" إياها ؟؟
الخوارج هما الي
مخهم لاسع و ملاحيس فيها
زي كل الي فاكرين نفسهم
حراس العقيدة
و جنود الله في الارض
،،،،،
-هل كان متكبر علي البسطاء بعيد عنهم؟
ده كان بابه مفتوح
بلا حاجب او مانع
حتي انه مرة
كان طالع الصبح من بيته
لقي أُمم من العامة
كل واحد ليه طلب
مسكوا فيه
و يزعقوا و يصرخوا و يعيطوا
لدرجة انه اتنرفز و اتعصب عليهم،،
،،،،،
-هل كان بيكنز المال و الذهب؟؟
كان نصيبه كغيره من المسلمين
وكان دايماً بيستغني عن الفائض
عن ما يحتاجه بيته لعدة ايام،،
،،،،،
- هل كان له حاشية من أهل السؤ؟؟
كان راجل صاحب دراية بالناس
و ملوش حد أعز من الحق
و شفتم حاله مع ابن عباس
و حاله مع مُصقلة
و كانوا من رجاله الخلصاء،،
،،،،،،
-هل كان قليل العلم بالدين او الفقه؟؟
ده سؤال قليل الأدب الحقيقة،،
هو مدرسة و أصل و منبع
لمن جاء بعده
احنا هنهرج؟؟
ده فقه
" قتال اهل البغي"
هو الي بدعه و فسره و شرحه
من أوله لآخره،،
،،،،،
-هل كان ضعيف الجسد او العقل
فيطمع فيه الناس؟؟
كان في كهولته صحيح
بس قوي و عفي
و لم يحكي عنه
اي مرض مزمن او عُضال
يمنعه من الحرب و أمور الناس
،،،،
-هل كان لا يقيم حدود الله و نواهيه؟؟
خليني أقولك انه شيخ و فقيه
قبل ان يكون قائدا و محاربا
و من الحاجات الي خسرته احيانا
انه كان يتجنب الشبهات
حتي في معارضيه اللدودين،،
فقد كان يمسك بالخوارج
فيعظهم و يطلق سراحهم
و هو عارف
انهم بكره ممكن يحاربوه
بس النوايا بتاعة ربنا
و هو ملوش غير الأفعال ،،
،،،،،،
-هل كان يعيش
في برج عاجي
مع القادة و الاشراف؟؟
كان كل يوم في السوق
يشتري من البائعين بنفسه
و يروح عند الي ميعرفوهوش
عشان يتأكد من السعر
و عدم مجاملته او الكذب عليه،،
و كان بيمسك خرزانه
زي بتاعة المدرسين،
يلسوع بيها الناس
الي مشيها بطال،
في السوق و الشارع.
و بعد شوية مسك كرباج
اما لقي الناس
جِبِلات مبتحسش
و في الاخر
كان شايف
انهم ملهمش الا السيف
بس هو مش هيخسر دينه
بشبهة ضربهم بالسيف،،
مع انهم غالبا يستاهلوا،،
" دُرة عُمر" الصغيرة
الي عاملة زي
راس الهون دي
مبقتش تأثر في الناس،،،
،،،
-هل كان ملوش في
الصلاة و الصوم و النوافل؟؟
كان بياذن الفجر
و يخبط علي الناس
يصحيهم بنفسه
و كان دائم القيام بالليل
و كان صائما غالبا،،
حسبه لقيمات يقمن اوده
،،،،
-هل كان بتاع
جواري و هيصة و فرفشة و هنكشة؟
إطلاقا
كان عنده جواري طبعا
زي كل الي في مركزه و قيمته
إنما فضل زهرة شبابه متجوز
السيدة فاطمة بس
و لم يجمع الكثير من الزوجات
في وقت واحد
او يُكثر من الزواج
و الطلاق عمال علي بطال،،
زي كتير من الصحابة
ما عملوا بعد الفلوس ما هجمت،،
اتجوز سبعة سيدات
في ال٢٥ سنة
الي عاشها بعد فاطمة،،
ده مش رقم كبير بالنسبة لواحد زيه
عايز يُكثِر من الاولاد و العزوة،،
كان مالك شهوته و متحكم فيها
مش طلوقة و هائج علي طول زي غيره ،،
-هل شخصيته اتغيرت بعد الحكم ،
فصار أحسن او أسوأ ؟
شخصيته زي ما هي
من ساعة ما كام شاب يافع
أفعاله و آراؤه و مواقفه
تكاد تتوقعها مقدما
مش زي ناس
اخشوشنت بعد المنصب زهدا
او اخرين
بقوا محدثين نعمة من العِز و الأبهة،،
،،،،،
-هل اعتمد علي الاشراف
و الشيوخ و أهمل الشباب و عامة الناس؟؟
ده يمكن من مشاكله
انه مكنش يحابي الاشراف
و ميحبش الا الناس
البسيطة الصريحة
و شفتوا ازاي خد
فلوس الأشعث بن قيس
و عزله من الولاية،،
مع انه سيد كبير و مصلحته
ميزعلوش و يصطنعه في فريقه
و اغلب فريقه و شيعته المخلصين،،
هم من "مِلح الارض"
يعني الناس
الي محيلتهاش حاجة
لا مال و لا جاه
عايشين اليوم بيومه،،
،،،،،
-هل كان تنقصه الدبلوماسية و الحصافة؟؟
لم يجد مجالا لحقن الدماء
الا و تنكبه وسعي فيه
بس برده
لما كان يشوف ما يراه حقاً
لا يفرط فيه ابداً
،،،،،
الله!!
طيب ما كل الصفات ال
" إسلامية"
الناجحة و الصحيحة فيه أهه،،
أمال ايه سبب الفشل؟؟
باختصار
انه جاء بأفكار
و طباع زمن ولي
و حاول تطبيقها
في زمان و مكان غير مناسبين،،
ايوه
سنة٣٥ هجري كانت الدنيا
بقت مختلفة خالص
عن بداية الدعوة
و سنين صحبة الرسول،،
ما كان صالحا و مناسبا
اصبح الناس تمجه و تبعد عنه،،
ما كان واضحا و جليا،،
اصبح ضبابيا مموهاً ،،
ما كان عليه إجماع،،
اصبح مسالة خلافية ،،
ما كان قطعيا،
اصبح نسبياً،
ما كان غاية واضحة،،
اصبح طريقا ضمن طرق عِدّة ،،
زاد الطمع و قلت القناعة
ارتدت النفوس للدنيا
و خلعت عنها الرضا بالقليل،،
ارتاب الناس في بعضهم،،
فأصبح لا أمان لأغلبهم ،،
و بعدين الناس
كترت قوي قوي،،
من صحابة بالعشرات
عارفين بعضهم بالاسم،،
لإمبراطورية بالملايين
و أمم و لغات ملهاش اول من آخر،،
،،،،،
الله ،،
هو مش الاسلام دين و دنيا
و صالح لكل زمان و مكان
و ربنا أتم الدين لينا علي لسان رسوله،،
ليه اللخبطة تحصل بقي؟؟
،،،،
عشان كل الي قلناه ده
يوريك ان مفيش حتي
اتفاق بين الصحابة الأوائل نفسهم
علي ايه هو
" الدين"
و ايه الي ينقصه و يضيعه؟؟
عبادات؟؟
سلوك؟؟
معاملات؟؟
مظهر؟
نظام حكم؟
قرآن ؟
سنة؟
اتباع للسَلف؟
تجديد مع الخَلف؟
مين الأهم و مين الأقل أهمية ؟
كل الحاجات دي فيها خلافات و درجات
هـ تعمل ايه في الي يخالفك فيها؟؟
دي مأساة الفتنة الكبري
و المسلمين منذ فجر الاسلام
و انقطاع الوحي
و حتي يومنا هذا
و أظنه أيضاً خلافا حتي يوم يبعثون،،،
،،،،،
قُتِلَ الامام عَلِي بن ابي طالب
عندما كان خارجا للصلاة
قتله مسلم من الصحابة المهاجرين
تواب أواب
قائم صائم
راكع ساجد
لا يفتر لسانه عن ذكر الله
و لا ينفك يطلب رضا الله
و يبتغي دائماً اتباع سنة نبيه
كان يحارب مع عَلِي بن ابي طالب
ثم انفصل عنه فيمن انفصل من
" المُحَكمة"
ثم رأي انه أشد خُبثا و ضررا
علي الاسلام من اي أعداء خارجيين،،
ثم رأي انه ظالم طاغية
يقتل خيار الناس
و يوغل في دمائهم،،
فهجم عليه فجراً
و هو خارج للصلاة،،
صلاة الفجر؟؟
ايوه عادي
مش هو شايف انه اصلاً كافر
و لا يحكم بشرع الله،،
اسمه :عبد الرحمن بن ملجم،،
ضرب الامام في رأسه فشقها
و مات الخليفة عَلِي
بعدها بيومين
قضاهما في غيبوبة متقطعة
،،،
الامام ابن تيمية شايف
ان ابن ملجم
"تأوَُل" قتل الخليفة عَلِّي
و انه كانت نيته خير
و قاصد وجه الله
بجريمته دي،،
بس زودها شوية
و ان عبد الرحمن
غلطان مفيش كلام !!!!!
كُخ يا عبده ،
عيب كده،
!!!!!!
،،،،
طبعا كالعادة
لا يخلو الأمر من حديث
مروي عن طريق الامام احمد بن حَنْبَل:
قال النبي محمد:
يا عَلِّي
أشقى الأولين عاقر الناقة،
وأشقى الآخرين قاتلك،
كل شئ كان واضح وضوح الشمس،
كل الاحداث كانت محكية مقدماً
مفيش اي مفاجأة لاي حد
و رغم كده الصحابة الكبار دول
وقعوا في كل مطب و التاني،،
ملقتش الحقيقة تفسير من الفقهاء
ليه الصحابة كان عندهم
"خارطة طريق"
و بلورة سحرية
تنبأهم بكل حاجة،،
و برده ارتكبوا الكوارث دي....
و تلاقي ناس تسأل
هو ليه النقد
و المنطق غائب عن المسلمين؟
عشان بيصدقوا و يقدسوا
حاجات زي دي،،
،،،،
سألوه ان يُولي بعده
ابنه الأكبر
الحَسَن،،
لكنه رفض:
لا آمركم و لا أنهاكم،،
،،
دوره خلص خلاص،،
الموضوع لو حرام يروح لحد معين،
او فيه ناس لازم
متخرجش عنهم الحكاية،
كان لازم يقول و يوصي،،
بس هو عارف انه شغل منصب معين
و خلص فترته و لازم يمشي،،
و لا قداسة فوق رأسه
و لا وحي يتنزل عليه
ليوصي للناس
و يرشدهم للصواب من بعده،،
لو الموضوع إلزامي
أو فريضة دينية،
يبقي كان لازم يسيب وصية
علي الاقل تحصر الموضوع في اتنين تلاتة،
انما هو بقي رايح
يقابل وجه رب كريم
بعد ما أدي مهمته قدر ما استطاع،
غيره يشيل بقي زي ما هو شال،،
،،
قالهم
أنتوا أحرار
غوروا و سيبوني في حالي،،
،،،،،
تُوفي الامام و الخليفة عَلِي بن ابي طالب
بعد خمس سنوات من الحكم
قضاهم في شقاء
و ابتلاء لا يتوقف،،
رغم شخصيته و علمه
و شجاعته و تواضعه،،
و قوته و إخلاصه
و زهده و إيمانه برسالته
فقط لنعرف
ان احوال
الناس و الزمان متغيران،،
و من يتوقف عند سنين سابقة
حتي و ان كانت قريبة جدا
و باهرة جدا
و روحانية جدا
لن يجد الا الخسارة
و ان كان
اكثر الناس صلاحاً،،،
،،
رحم الله الإمام و جزاه خير الجزاء
و قيض لنا الانتفاع
مما خلفه لنا من تاريخ و مواعظ،،
،،،،
،،،،
تم كتاب " عَلِّي "
و يليه باذن الله
كتاب
" مُعاوية و يَزِيد "
عسي ان يتقبل منا
هذا المجهود قبولا حسنا
،،،،،،