الجمعة، 24 يونيو 2016

الوَلِيد السَعِيد، الامبراطُورِية تَضرِب مِن جَدِيد



الجزء السابع

موسي بن نُصير اللخمي!!
موسي بن نُصير البَلَوي؟؟؟

مُختلف في أصله و أصل أبيه!!

واضح ان أبوه كان من العرب
الي عايشين في كنف الفُرس،،

و كانوا تَمَدنوا و نسيوا الأنساب 
او مبقتش مهمة قوي عندهم،،

و ابوه كان اسمه نَصر
و كان من الأسري و العبيد
الي تم استرقاقهم بعد فتح مدينة
" عين التمر" في العراق
بعد ان هُزمت الحامية الفارسية هناك،،

و مدينة عين التمر دي
كانت مدينة جميلة و مُبهجة
و كان فيها كنائس كتيرة و أديرة،،

بيتعلم فيها الأولاد العرب
عشان يبقوا موظفين او علماء 
لما يكبروا في كَنف امبراطورية الفُرس،،

- ايوه الفُرس كانوا رعاياهم العرب
أغلبهم مسيحيين،،
و كان عندهم تسامح ديني لا بأس بيه
مع مخالفي عقيدة
 الأكاسرة و القياصرة بتوعهم-

كانت  عين التمر دي
حاضِرة دينية ثقافية يعني،،
و لما فتحها خالد بن الوليد
و سَبي من شبابها خلقاً كثيراً،،

وجدهم الفاتحون
 شباباً متعلمين متنورين
يعرفون الاخبار و التاريخ
 و العلوم الحديثة،،

فلم يُحَملوهم الشيل و الحط
او أفعال العبيد الدنيئة،،
إنما اعتبروا كثيراً منهم 
 من المَوالِي،،

يعني تابعين مُصطَنَعين،،
و ناس " تَبعنا"
"مُوالِين لينا"،،
و محسوبين من باقي جماعتنا،،

و دي كانت طريقة كويسة 
لتجنب إهدار المواهب،،

الجارية الجميلة
 متشيلش مية علي راسها
و متعجنش العجين و ترعي الغنم،،

تبقي محظية أو سَرِية،،
و ليها غرفة خاصة،،
و وظيفتها إسعاد مالكها،،
و تخلف له أولاد
 مختلطي العِرق
أذكياء و نابهين  زيها كده،،

و برده زيها
العبد الي مخه شغال
و صحته حلوة 
و مصحصح كده
و يخدم بذمة و ضمير،،
و يقدر يشتري نفسه بالفلوس،،،

ممكن يترقي و يبقي
 "مَولي عِتق"
 و يمشي ورا سِيدُه
و هو لابس شيك و متقمع،،

و السَيد ده رايح أو جاي 
ساحب وراه باقي الموالي،،
هيلمان و هيبة كده،،
أُمااال،،،
،،،،

نَصر -ابو موسي-
كان عبد عند الامويين
بالطريقة دي،
و أعتقه عبد العزيز بن مروان ،،
و اسماه نُصَير،،

و بعد كام سنة أنجب ولد
هو موسي،،

و بكده يتضح لكم
 أن موسي بن نصير
هو ابن مولي من موالي الامويين،،
و كما شرحنا من قبل،،

كانت عادة الامويين
 اصطناع الموالي
و ترقية النابهين من العرب
بصرف النظر عن حسبهم أو نسبهم،،

و كتير من العرب
 الضعاف النسب دول،،
كانوا ماسكين  الإمارة
و الإدارة في الدولة،، 

زي قتيبة بن مسلم الباهِلي،،
و حكينا حكايته،،

و حمران بن أبان 
مولي عثمان بن عفان
- برده كان 
من سَبي عين التمر النابهين -

و المُهلب بن أبي صُفرة
- و ان كانت بدايته قبل الامويين و مش مولاهم-

و طبعاً المثال الحالي بتاعنا،،
موسي بن نصير،
،،،،

موسي تربي في كنف الأمويين
و كان صديق ل عبد العزيز بن مروان
،،،

بس ساعة موقعة مَرج راهِط
بين جناحي الدولة الأموية المتخاصمين
بعد نهاية دولة معاوية،،

كان في صف الطرف الخاسر
الي كان  عايز يبايع 
 عبد الله بن الزبير!!؟،
و كان يقودهم  الصحابي
 " الضَحاك بن قيس "،،
،،،

و هرب من  ميدان المعركة
 زي باقي القادة المهزومين،،
و لما لقي ان رقبته طايرة طايرة
و الاختباء مش هيجيب نتيجة!!
،،
اتسَحَّب في السر
و دخل علي صديقه القديم،،
 عبد العزيز بن مروان 
ابن الخليفة وقتها مروان بن الحكم،

و اترمي عليه
و وقع في عرضه و في طوله،
انه يتوسط له في العفو و السماح،،
" ابنكم و غِلِط"

واضح ان عبد العزيز
كان بيحبه جداً 
و اتوسط له فعلاً
و الخليفة عفا عنه!!؟؟
و اداله الأمان،
و قبلوا توبته النصوحة،
عن خطئه الفادح!!،

الأمويين عموماً
كانوا بيحبوا العفو عن خصومهم
و دي صفة عربية أصيلة،،

فيها الكرم و السلطة
 و فيها قمة الإذلال للعدو،،
،،
طبعا لما تكون من الموالي
ف كرامتك مش هـ تنقح عليك قوي،،

مذلول مذلول
بس أعيش،،

لو كان من كبار أشراف العرب بقي
مستحيل يتذلل
حتي لو فيها رقبته،،

و ده كان لُب مسألة مقتل الحُسَيَن 
 زي ما شفنا،،
،،،

،،،،،
بعدها فضل موسي مع الامويين
و قعد مع عبد العزيز بن مروان،،
لما تولي حكم مصر،،
كمستشار و مساعد أمين،
،،،
و بعد تولي
عبد الملك بن مروان الخلافة،،
بعت ل عبد العزيز يقوله :

ابعت موسي من عندك
يروح العراق
 مع  أخوك بِشر بن مروان،

و كانوا الاتنين- بِشر و موسي-
 أصدقاء و حبايب
و قاعدين مع أخوهم 
الامير عبد العزيز بن مروان
في بلهنية من العيش
 في مصر المحروسة،،

و لما راحوا العراق،
بِشر ساب الختم ل موسي،،
تسليم مفتاح،،
متوجعش دماغي يا موسي
بالورق والدفاتر و المشاكل،،
انت ثقة و الدار أمان و كده،،

وقتها موسي 
تولي المالية و الخزانة و الادارة 
و ابدع فيهم جداً،،

بس لما بِشر مات فجأة
و الحجاج راح يتولي إمارة العراق
ليبدأ عهده المهول،،

ساعتها موسي هرب و َفلسع
قبل يد الحجاج ما تقع عليه!!؟؟

الحجاج أول ما وصل العراق
بعت للخليفة عبد الملك
يتهم موسي  بالسَف من الفلوس!!
و تحويل مسار الفلوس
لتصل لجيبه الخاص بدل 
ما تروح عند أمير المؤمنين،،
و كله بالملفات!؟!؟؟؟

و الحقيقة ان الحجاج 
رغم كل ما روي عنه من كوارث،،
و رغم كراهية الفقهاء الشديدة له
لكون دمويته كانت موجهة نحوهم بقوة،،

محدش أبداً قدر يمسك عليه
جريمة الاختلاس
 او " التصرف بحرية"
من  فلوس بيت المال،،
،،،،
،،،
مفهوم" المال العام"
المرتبط ب "الحكومة المنتخبة" 
و حساب الشعب للحاكم و عزله،،
و "الأمانة"  النابعة بالأساس 
 من الخوف من "حساب الشعب"،،

كل دي مفاهيم حديثة مرتبطة 
بالدولة بشكلها المعاصر
 ذات الشرعية الدستورية
المستمدة من رِضا أغلب الشعب،،

مش من حق إلهي في الحكم
أو قرابة للأنبياء و الأولياء
أو قوة العصبية و السلاح،،

اللي   كانت أسس قيام
الإمبراطوريات و الملكيات 
في العصور القديمة ،،

و زي ما شفنا
 قواعد الإمبراطوريات القديمة دي 
توغلت في رسالة الإسلام البسيطة،،
و تم  إنشاء المذاهب
و اختراع الروايات
و لي أعناق النصوص،،

من أجل تدعيم المَلكيات الدنيوية
بأغطية دينية مقدسة،،،

و طبعاً ده كان علي طول كده
بِيجيب وراه احساس الملوك
بالقوة القاهرة فوق الحساب،،
،،

"ما أنتم إلا عبيد إحساناتنا"
" مولانا ولي النعم"
هي الصيغة الواضحة الصريحة
لمثل هذا الأسلوب من الحكم،،

الي طبعاً كان مناسب جداً
لآلاف السنين،،

الي ان انهار في العصر الحديث
مع انتشار التعليم
 و شيوع الثروة
و وجود وقت فراغ كبير
 للطبقة المتوسطة 
الي عددها تضخم جداً،،

ينفق ابناءها الفلوس و العلم و الوقت
 في النقد للملوك و نظامهم
 و التخطيط للانقلابات
علي كل النظم الملكية القديمة دي،،،

الي برغم وجود
 أمثلة جبارة و لامعة 
من ملوكها و اباطرتها،،

إلا إن مسألة
 "انتم عبيد إحساناتنا دي"
غطت مساوئها علي كل حسنات 
النظام الملكي و الإمبراطوري العتيق،،

و ظهرت معايير و أخلاقيات  
و بالتالي جرائم جديدة،،
يُحاسب عليها المجتمع
- ممثلا في الحكومة الشعبية-
من يضرونه ضررا مباشراً،،

و بكده بقي " التصرف بحرية"
في " المال العام"
جريمة ضد المجتمع؟؟؟؟؟؟

بعد ما كان زمان
 مجرد جريمة
ضد الملك و الإمبراطور !!

زمان كنت لو  لم تعترف 
بشرعية الملك او الخليفة،،
فبمقدورك بسهولة شديدة
إيجاد عشرات المبررات
لسفح هذه الاموال " العامة"،،

و طبعاً
لو كان الحاكم شايف و ساكت
او مش عارف حاجة عن افعالك،،

فبرده مش عيب و مش غلط و مش حرام
انك " تتصرف بحرية" في الفلوس دي،،

و من " الفلوس دي"
و الصراع حول " شرعية الحاكم"

نشأت  تقريباً كل الصراعات 
بين الصحابة الكبار انفسهم،،

فتنة المال كبيرة،
لم ينجُ منها حتي صحابي بقدر
عبد الله بن عباس،،

الي برر بعض الشيعة أخذه 
لأموال بيت المال
ايام ولايته علي البصرة،،
إن الخليفة وقتها كان معاوية،،
و معاوية خلافته باطلة 
و  بكده أخذ المال من معاوية مش حرام!!!؟؟؟

و ما أشباه هذه الفتاوى
في عصرنا الحالي 
ببعيدة عنا طبعا،،،
،،،ً

يعني الحجاج نجح في التصدي 
لفتنة  المال المهلكة دي
 ملايين كانت تحت إيده بلا حساب،،

و كان بيصرفها 
في مكانها و مصارفها الصحيحة
بحكمة و قدرة و حنكة كبيرة،،

تجاوزت الغالبية من كل الحكام 
علي مر التاريخ الإسلامي كله،،

و ده كان من أهم أسرار نجاحه،،

انت عمرك ما تنجح
 لكونك جزار قدير،،
ده  اسمه البلطجي حضرتك،،

بناء الإمبراطوريات 
يستلزم صفات و مواهب
 أكثر أهمية،،

و أولها:
 الصمود أمام فتنة المال،،

و الحجاج كان مُعلما قديراً
في هذا الفن العسير،،

سمعت حد قالك  الكلام ده ؟؟
غالباً لا،،

الأمر متروك لحكمتكم
عشان تتفهموه كويس،،
،،،،،

زي ما قلنا
موسي كان
 عايش في مهلبية،،
لان الامير بِشر 
كان مِسَلِمه مفتاح الكرار،،
و بمجرد موت الأمير ده
انكشف غطاؤه،،

عراه الحجاج،،
المؤسس الاول لل" رقابة الإدارية"
،،،

غضب الخليفة عبد الملك
 علي موسي جداً
و أقسم ل يُنكلَن به و ليُعذبنه،،

وقتها برده موسي استخبي
عند عبد العزيز صاحبه،،
و وسطه في العفو و الأمان،،

بس عبد الملك مرضيش بالعفو
إلا بعد غرامة ضخمة،،
تفوق الفلوس الي مسكوها عليه
ناقصة من ميزانية بيت المال،،
تفوقها ب ييجي مئة ضعف!!!!؟؟؟
- واسعة شوية ، بس الحكاية كده-

و دفعها موسي تقسيط
بمساعدة صديقه الصدوق
عبد العزيز بن مروان،،
،،،،

عبد العزيز مش بس ساعده
في الخروج من 
المآزق" المصايب" دي كلها،،

ده كمان مهد له الطريق
للمجد و الخلود في التاريخ،،

بإنه وسطَنه كده و زَقه
علي ولاية " إفريقية"،،

و دي البداية الحقيقية
للتاريخ المُعلن ل موسي بن نصير،،،

تابعونا،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق