وقفنا عند الردح البلدي الي كان شغال بين ابو جعفر و خصمه محمد النفس الزكية..
و عرفنا ان محمد النفس الزكية كانت حركته خطيرة جدا ،،
و انه كان مدعوم شعبيا في الحجاز و الكوفة و بعض العراق،،
و ان قامات كبيرة زي الإمامين ابو حنيفة و مالك كانوا بيجيزوا الخروج معاه ضد الخليفة القائم بالحكم ابو جعفر المنصور،، و أفتوا بذلك لكثير ممن جاؤهم يسألونهم عن هذه الفتنة و اي الفريقين أولي بالموالاة؟
و ان الامام جعفر الصادق تنحي عن قيادة الثورة دي رغم كونه اهم المرشحين لها من قبل حتي قيام الدولة العباسية،،
و ان كان لم يمنع أولاده من الانضمام لهذا العصيان و استأذن من النفس الزكية شخصيا في عدم الخروج معه في هذه الثورة المسلحة..
و عرفنا ان ابو جعفر المنصور جاب من الاخر في خطاباته للنفس الزكية لما قاله ان ورث النبي من إمامة و قيادة للجيوش لازم يتورث لأقرب راجل في عائلته مش لأي ست و ان كانت بنته السيدة فاطمة شخصيا،،،
و الرجل الوحيد الي ورث النبي كان عمه العباس ،،
و لذلك فنسله هم الأولي بوراثة الإمامة التي تركها النبي ،،،
،،،،،،،،
طبعا الكلام ده صادم علي عدة مستويات،،،
اولا:
لانه بيوضح لنا ان الخروج علي الحاكم لم يكن بعد محرما و مستنكرا بشدة بعد في الفقه الاسلامي السني خصوصا،،
و لم يكن المروي عن النبي من ان الموت بدون بيعة لخليفة هو موت علي جاهلية و كفر
، و ان يضرب ظهرك امام ظالم و تصبر خير عند الله من الخروج عليه،،،
قد استقر في يقين المسلمين،،
اعتقد ان الموضوع بتاع تكفير" الخارج علي الحاكم " مكنش لسه دخل الفقه السني بقوة لان كل الي بيقوي النقطة دي فقهيا بيعتمد علي مرويات عن الرسول ،،
و ده لنك لاكتر من ١٠٠ حديث في تحريم الخروج علي الحاكم الظالم
و حتي وقت حكايتنا دي مكانش المرويات دي - ان وجدت أصلا-
ليها قداسة تقارب القرآن باي حال من الأحوال ،،
و القرآن لم يتناول مسالة الخروج علي الحاكم بوضوح،،
فيه إشارات لكنها ليست بوضوح تحريم الكذب و السرقة مثلا،،
و كان فقه ابو حنيفة يقدم الرأي و العقل علي أحاديث الآحاد و الغير شهيرة،،
و كان فقه مالك يقدم فعل أهل المدينة علي نفس الأحاديث ،،،
لعملهما بان كلام النبي لم يكن مقصودا تسجيله و اتباعه حرفيا ،،
و إنما كان روح النص و سلوك النبي هو الهدف و الغاية،،
فاتخذ ابو حنيفة مما رآه مقاصد و غايات ممارسة النبي معيارا عقليا للفقه،،
و اتخذ مالكا من فعل أهل المدينة مما ورثوه من طول معاشرتهم للنبي معيارا لفقهه،،
و لم يجد كلاهما ما يمنع او يكفر الخروج علي الحاكم الظالم،،
و أفتي كلاهما بذلك،،
مش بس كده،،
ده الامام مالك كمان تجاوز الامر ده لما هو أشد،،
ناس كتير كانت بايعت ابو جعفر كخليفة و أقسمت علي كده بايمان مغلظة،،
و أتوا مالكا يسألونه الفتوى ،،
فأفتاهم ان لا يمين علي مستكره،،، او ان القسم تحت الإكراه باطلة،،،
و بكده اليمين الي اقسمتوها باطلة من أساسه،،،
،،،،،
واااااو !!!!
مش كده،،،،
كلام متحلمش تسمعه من مشايخ اليومين دول بعد مئات السنين،،،
و بدل منه هتلاقي بوضوح التشنيع علي الخارجين علي الحكام بشتي الصور،،
اعتقد برده ان ده كان نتيجة الصراع الي بنحكيه ده،،،
لان الفريق الي كان بيناصره الفقهاء الكبار دول،،
انهزم في الاخر،،،
و الدماء الي راحت هدرآٓ بناء علي فتاوي الائمة ،،
مكانش حد عارف ايه حكمها ،،،
و الظلمة الي فازوا و استقر الامر لهم،،،
مكانش حد قادر يقتص منهم ،،،
و أساسا محدش بقي عارف مين الصح و مين غلط ،،
مش بس كده ،،
ده الإمامين الجليلين دول،،
في النهاية رضيا ببيعة المنصور ،،
و لم يستميتا في مقاومته حتي النهاية مثلا باعتباره باطلا او شرا مطلق،،
بالعكس بقي،،
عرض المنصور علي ابو حنيفة تولي القضاء،،
و علي مالك ان يجعل مذهبه و كتبه أساس كل الفقه الاسلامي،،
صحيح الاتنين رفضوا ،،
و فيه كلام انهم ماتوا بحسرة و في ضيق و ربما سُجِن ابو حنيفة في اخر أيامه،،،
لكن الاتنين برده خاطبوا ابو جعفر بأمير المؤمنين و بالخليفة في الاخر بعد الهزيمة.،
عشان كل ده حصل محدش من الفقهاء كان عايز يتعرض تاني إطلاقا للموقف الصعب ده ،،
و تم بناء رأي فقهي متكامل عن بطلان الخروج علي الحاكم،، مدعما بمرويات كثيرة عن النبي...
و بمباركة الحكام انتشر هذا الرأي و ساد حتي عصرنا هذا،،.
،،،،،
طيب هو أنا باؤيد الخروج علي الحاكم مثلا؟؟
لأ..
لان الحقيقة أسباب الفقهاء في رفض ذلك كانت وجيهة جدا،،
و مدفوعة بالرغبة في تجنب سفك الدماء و ضياع المال و انتهاك الأعراض
الي بيحصل في ظل هشاشة الأوضاع الحاكمة و الحافظة للقانون،،
اثناء الصراع علي الحكم بعد وفاة كل خليفة او ملك او ولي عهد
و الكوارث الحاصلة بعد كده بلا مانع او شافع.،،،
....
أراها مازالت صحيحة في مجملها،،،
لم نبارح أماكننا حضاريا من ساعتها،،،
مازلنا ثقافيا في العصور الوسطي للأسف..
.......
.......
طيب ايه تاني صادم و بشدة؟؟
زي ما هو واضح في الخناقة و التصادم اللفظي بين الخصمين المنصور و النفس الزكية،،
فان الامر كله عبارة عن تٓرِكة تركها النبي،،
حكم و ملك لم يورث صح من بعده،،
الاتنين شايفين ان كعادة العرب الُملك يورث لبيت الحاكم و الملك المتوفي،،،
و الاتنين استخدموا لفظة" آل البيت" كدليل قوي علي الشرعية،،
هتقولي بس الرسول مقالش كده و القرآن مجابش سيرة الحكاية دي ،
عند السنة الحكاية مش واضحة،،
بس الشيعة عندهم حديث مقدس جداً اسمه "غدير خمُ"
بيوضح ازاي ان الرسول قبل ما يموت أعلن ان علي خليفته و ان الولاء الي الناس كانت بتدين بيه له انتقل الي علي من بعده،، و أني تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله و أهل بيتي،،
و شاور علي علي بن ابي طالب،،
الحديث ده مش في البخاري ،،
بس الامام احمد بن حنبل و الامام مسلم و غيرهم أكدوا صحته في صحاحهم،،
و دي نقطة مهمة جداً في فصل الشيعة للطالبيين عن العباسيين و كلاهما آل بيت النبي،،
حسب الوراثة بس طبعا،،
فيه مرويات تانية بتوضح ان المقصود بكلمة آل البيت السيدة فاطمة و أولادها أساسا،،،
و ده المستقر عرفيا في مصر مثلا،،
،،،،،،،
بفرض صحة كل ده ،،،،
فهل ده يبرر ان اولاد اولاد اي طرف ليهم نفس الوصية؟؟
مفيش اي عقلانية في الكلام ده،،
بس بالنسبة لكتير من المسلمين علي مر التاريخ ،،،
كان ده معقول جداا،،
و دعوة الرضا من آل محمد جذبت الآلاف و مات في سبيلها الآلاف برده،،،
،،،
و ده يوريك ان اتباع الناس الكثيرين لأمر ما و و ان كان فيهم ذوي الحسب و النسب و العلم حتي،،
ليس معيارا أبدا للحق او للصواب المقدس،،،
هو بس الصح عندهم و بس،،،،،
،،،،،،
،،،،،،
طولنا في الكلام،،
بس كان ممكن نطول اكتر الحقيقة،،،
الحاجات الي بين السطور كتير بس ليها وقت تاني بإذن الله
نرجع لحكايتنا،،،
،،،،،،
ابو جعفر كان خلص علي اكبر قائدين تبعه،،
عمه عبد الله و مولاه ابو جعفر،،،
لقي أحسن واحد يمسك الحملة دي مين؟؟
واحد له مصلحة جامدة انه يفوز و مش هيتاثر قوي بجو الروحانيات و الاستشهاد و آل النبي و كده،،
ولي عهده و ابن اخوه،،
عيسي بن موسي،،،
الراجل سمع الكلام و خرج علي راس جيش عرمرم للمدينة،،
و حاصر المدينة ،،
و بعت ناس تدعو النفس الزكية للتسليم و حقن الدماء،،،
بس الحقيقة محمد مقبلش و كان حفر خندق حول المدينة و تأسي بالرسول جده في التخندق بها،،
اشتغل ضرب السهام و المنجنيق و تم عبور الخندق ده ،،
و انداح المهاجمون للداخل و تمكنوا من قتل محمد في نهاية الامر،،
و كالعادة الجارية ،،
قطعوا رأسه و صلبوا أنصاره و قتلوا الخلق الكثير،،
بس الحقيقة لم يستبيحوا النساء كما فعل جيش الامويين في موقعة الحرة،،
،،،،،
فاكرين كان له اخ اسمه ابراهيم مشاركه الثورة دي...
ابراهيم كان ناحية البصرة و الكوفة كده،،
ليجمع الأنصار،،
و يقال ان ناس كتيرة جت تأيده ،،
و جيش عظيم اجتمع من حوله،،
من أنصار "آل بيت النبي"،،،
بس واضح شيوع الحماسة فقط في الجيش ده،،
بدون تخطيط او تدريب و تناغم عسكري واضح،،،
و كانت ايام الحروب بتجميع قبائل كتير و خلاص قربت تخلص،،
زي لعب الكرة الشراب و الكورة في الدوري كده،،
ممكن تجيب لعيبة كورة شراب احرف و أجمد من لعيبة فرقة في الدوري،،،
بس فرقة الدوري غالبا هتكسب،،
لانها متجانسة و متناسقة و متدربة كوحدة منسجمة، ،،
و ده الي حصل في حكايتنا دي،،
جيش ابراهيم كان كبير بس متجزئ في حقيقته،،
عكس جيش عيسي بن موسي،،
المعركة كانت قوية جدا،،
لدرجة ان جيش عيسي كاد ان ينهزم،،
بس بالتخطيط و الجلد ،،
قدروا يكسبوا و يفوزوا،،
و كالعادة تم قطع راس ابراهيم و اتبعتت علي رمح للخليفة ابو جعفر
،،،،،
و بكده استطاع المنصور ان يتخلص من خطر قوي جداً كان يهدد ملكه ،،
و الكلام ده كان بعد اكتر من عشر سنوات من حكمه و خلافته،،
،،،،،،،
بحوره غويطة ابو جعفر ده،،
تابعونا،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق