الجزء الثامن
طبعاً فيه ناس مستغربة جداً
و مذهولة من الكلام الي بنقوله،،
انت زودتها المرة دي يا جدع،،
بقي الخليفة العادل عُمر بن بد العزيز
هو الي تسبب في هدم الامبراطورية؟؟؟
تسبب في هدم الدين يعني!!؟؟؟
طبعا الفهم ده
و اللخبطة فيه متوقعة جداً،
لان ناس كتيرة
اترَبِت علي ان
ال " خلافة"
-اللي هي في الحقيقة،
النظام الامبراطوري
المرتكز لشرعية دينية قَبَلية -
تم تلقين الناس ان
الخلافة/ الامبراطورية دي
هي ركن من أركان الاسلام!!
و ان رجوع و إحياء
الخلافة /الامبراطورية دي
هو اهم شئ في حياة المسلم!!!
بس ده فكر حديث و مُختلق،،
في العصر الي بتدور فيه الرواية،،
مكنش لسه فيه حاجة اسمها
الخلافة ركن من أركان الاسلام،،
و الخناقة كانت غالبا بتبقي
مين الأحق بقيادة الناس
لتوجيههم و الحفاظ عليهم،،
لو كانت الامور واضحة
زي ما المُحدثين ما بِ يضحكوا علينا،،
و "الخلافة" دي
ركن من أركان الإسلام
اللي بيَنهم النبي
و فَصلهم القرآن بالمللي،،
يبقي ليه كل الخلافات المهولة دي
و ليه القتال اللي لا ينتهي ده
و الدماء الآي زي الشلالات دي؟؟
واضح جداً ان السلف
مكنوش متفقين علي الخطوط العامة
فما بالك بالتفاصيل،،
و ده أقوي شئ
ينفي كون " الخلافة"
من أركان الدين ،،
انها اصلاً
مش واضحة و مش محددة،
و مش متفق فيها علي شئ
بين السلف الأوائل نفسهم،،
و الدليل انهم لو كانوا متفقين،،
مكنش الصراع بدأ
بعد وفاة النبي مباشرة،
زي ما شفنا منذ بداية الحلقات،،
،،،،،
نفتح مجري حوار جانبي
طويل شوية بس مهم،،
مسألة الفتوحات و المستعمرات
و الفلوس و الجيوش،
كانت في الاول خالص
مش هدف في حد ذاتها،
الهدف هو نشر الدعوة،،
بس الحروب
حصلت نتيجة ظروف
سياسية و اجتماعية تاريخية كثيرة،،
منها طبيعة المجتمع و بدائيته،
و عدم الرضوخ الا
ل حكم القوة و القهر
بين سكان الصحراء،،
بس مع نشأة الامبراطورية
دارت العجلة و لم تتوقف
و استمرت حكاية الحروب دي،
و زادت الفتوحات و المستعمرات و كبرت،،
لانها كانت دايماً وسيلة ناجحة
لالهاء الناس و تسكين المشاكل الحقيقية،،
و تم تسمية الفتوحات دي
ب "الجهاد" !!
و تم إعلاء قدر القتال فيها،،
لانها كانت علي هوي كل الناس تقريباً،،
،،،
بينما الجهاد هو أساساً
ل رفع الظلم و دفع العدو،،
و دفع النفس عن الشر الكامن فيها،،
اكيد الجهاد
ليس غرضه استرقاق الناس
و التنعم ل أموال و ممتلكات
البلاد الأخري،،
ده اسمه السَلب و النهب،
و يحدث منذ بدء الخليقة،
و هو من العيوب اللصيقة بالبشر،
لندرة الموارد و كثرة البشر
و اختلاف الألسنة و الثقافات
و لِ كون القتل حل نهائي قاطع،،
أسهل من المفاوضات و التنازلات
المليئة بالخداع و ألعاب العقل الغير متكافئة ،،
لا يمكن تمجيد القتل و السلب
و لا يمكن تقديس الاستعباد و النهب،
هذه عيوب بشرية أرضية و ليست
صفات إلهية سماوية،،
الإله لا يمسك سيفاً،
و ينطلق علي عربة او حصان،
يقطع رؤوس البشر
و يشرب دماءهم و يستعبد نساءهم،،
ممكن الإله عند القبائل البدائية طبعا،
اللي هو إله القبيلة الخاص،
ال superman الخاص بهم
اللي هو بشر بس عنده صفات خارقة
و اكبر شوية من البشر العاديين،،
بس أكيد ليس رب العالمين،
و مالك الكون و خالقه،
و مدبر ذراته و مجراته،،
ليس هذا الإله البشري
الا مجرد خبط العقول البدائية،
و لا يجب خلطه اطلاقا،
ب مالك الملك ذي الجلال و الإكرام،،
،،
و الخلط ده
هو اللي بيؤدي
التمزق النفسي الحاصل
بين الإعجاب ب داعش و أمثالها
و كراهية أفعالهم في نفس الوقت!!!
،،،
رأيي ان
محاولة إسقاط ما حدث من النبي
في حروبه اثناء بداية الدعوة ،
و تشبيه ده
ب المعارك بتاعة
الامبراطورية و اعداءها،
و تشبيه اي حروب امبراطورية
تحصل بعد كده لأي سبب،
تشبيه المعارك دي
ب معارك النبي
الغير معروفة بدقة،
و التي يكثر في تسجيلها الجدل و اللغط،،
الإسقاط و التشبيه ده
هو مجرد اجتهاد شخصي
-رأي يعني-
من الي بيعمل كده!!!
و ليس ديناً او عبادة،
و مفيش تأكيد
علي صحة الرأي ده ،،
اذا كان رأي صح او خطأ
فجزاؤه عند الله،،
لان الحقيقة
محدش عنده وحي
او معرفة يقينية من الله،
ب ان الحروب الامبراطورية دي صح او غلط،،
كل واحد بِ يجتهد و رأيه،
مهما كِبِر أو صغر مقداره!!!
،،
،،
شايفك مستغرب الكلام أكيد!!
و بتقول مش ممكن اطلاقا،
مجد الامبراطورية
هو مجد الاسلام،
و ربنا وعد المؤمنين
أنهم هـ يورثوا الارض !!
و ده فعلا تفسير شائع
و متداول لِ بعض الآيات
لِ تبرير الحروب الامبراطورية،،
بس يظل مجرد تفسير ،
و ان اجتمع عليه الكثيرون ،،
و هو اجتهادهم و ليس يقينا ،،
،،،،،
،،،،
نرجع بقي ل حكايتنا ،،
و نكمل الكلام و نوضحه،،
اكبر دليل علي كلامي
هو عمل الفقيه الكبير
عُمر بن عبد العزيز،،
الي عزل اكبر قائد عنده
يزيد ابن عبد الملك،
اللي حقق فتوحات مظفرة و مجد كبير،،
و معملش كده
عشان الفلوس
الي شك انه سرقها و لا حاجة،،
هو شايف ان أعماله و حروبه دي،،
كلها مدعاة للاسي و الحزن!!!
و كمان
كونه يتنازل
عن ييجي رُبع الامبراطورية
و يسيبه للناس الي ساكنين فيه!!!
ف ده يؤكد لك كلامي،،
لو الفتوحات دي مقدسة
و تَملُك الاراضي دي
استعباد الناس الي فوقها،،
هو جهاد مقدس!!
و لو الوعد ب الملكية
و المجد فوق باقي الناس،
وعد الهي حقيقي!!
ازاي الفقيه الكبير ده،
يخالف أوامر ربنا
و يضيع حقوق ربنا،
و يهدر أرواح الي ماتوا " مُجاهدين" ؟؟
،،،
لم يكن الفقيه الكبير عُمر الثاني
هـ يفرط في حبة تراب واحدة،،
مات ناس عشانها،،
اذا كانوا دول " شهداء"
و اذا كان ده " جهاد"،،
،،،،
و بعدين اذا كان "الجهاد"
بمعني التوسع الامبراطوري،،
هو ركن أساسي
من أركان الاسلام!!!
و تعطيله يستوجب
تكفير و عصيان الحاكم،
كما مشهور في أدبيات الفقه ،،
ازاي عُمر الثاني
يمنع الناس عن الشهادة؟
ازاي يوقف الجهاد؟؟
كافر يعني عُمر بن عبد العزيز؟؟؟
،،،
لعل في ذلك نورا علي بعض الظلام،
،،،
ان كنت تعتبر
عُمر بن عبد العزيز
فقيها و عالما كبيرا،
فقد اعترفت بان
الفتوحات و الامبراطورية
ليست جهاداً او شيئا مقدسا
بل حروب توسعية زي اي امبراطورية تانية،،
،،،
،،،
بالعكس ،،
السلام و المحبة
كانت رسالته الاساسية،
و ده كان تفسيره ل مغزي الدين،
مش القوة و السيف و الكرباج،
زي ما محبي الامبراطورية فاهمين،
مينفعش تتفاخر ب
مناقب عُمر بن عبد العزيز،،
و في نفس الوقت
تتفاخر ب الامبراطورية
و مجدها و عزها و ذُل أعداءها،،
لا يجتمعان اطلاقا
زي مانت شايف كده،،
،،،،
لسه مش مقتنع ؟؟
تعال نكمل ،،
و انت تتأكد بنفسك
ان عُمر عمل كل ما في وسعه ،
لهدم الامبراطورية الدنيوية المادية دي،،
،،،،
اتكلمنا علي سياسة الحرب بتاعته،،
نشوف الاقتصاد بقي،،
باختصار شديد،،
خَرب الميزانية بتاعة الامبراطورية!!!
الغي الُمكوس و العُشور،،
و دي ضرائب
علي الصادرات و الواردات
و التجارة داخل و خارج الامبراطورية،،
و كانت موجودة
من ايام عُمر بن الخطاب!!!
من بعد ظهور الامبراطورية البازغ ،،
،،،
الغي الضرائب
المتكررة علي المحاصيل،
و اكتفي بِ "الخِراج "يتاخد مرة واحدة،،
،،،
الغي الجزية
علي اي واحد يعلن إسلامه ،،
و دي بقي كانت أزمة كبيرة،،
الامبراطورية كان فيها
ييجي ٧٠ مليون إنسان ،
و أقل من العُشر كانوا عرب مسلمين،،
و من زمان
كان العلوج - الستين مليون-
لما يدخلوا الاسلام،،
يفضلوا يدفعوا الجزية برده!!؟؟
لان ناس كتير من الغلابة،،
لما تلاقي انها هتاخد
إعفاء من الفلوس دي،،
مقابل بس انهم يقولوا أسلمنا،،
كانوا حالاً بالاً يعملوا كده!!
خد بالك ان،
أغلب المعتقدات و الأدبيات
و الممارسات الدينية في الاسلام،،
موجود مشابه لها
في المسيحية الشرقية
و الديانة الزرادشتية ،
و دول الديانتين الأساسيتين
في اغلب الامبراطورية،،
صوم ، صلاة، حج ،
زكاة ، قصص أنبياء ،
رحمة ، مودة، إله ، ملائكة،
حياة بعد الموت،
عقاب و ثواب،،،
التشابهات و الاتفاقات
بين الديانات دي
كبيرة جدا،،
و الفقير الغلبان الي
مش فاهم الفروق الدقيقة قوي،
مستعد جداً انه يدخل دين الفاتحين ،،
مدام هياخد امتيازات اجتماعية ،
و يترفع عنه الغرامة المالية ،،
،،،،
بس من ايام
بداية الامبراطورية الأموية ،،
كان اللي يعلنوا إسلامهم من العلوج،
يتم إجبارهم
انهم يدفعوا الجزية،،
لانه يُعتَقدُ انهم كاذبين،
و نيتهم بس يخلعوا من الجزية!!!!
لان يا سيدي،،
مِن ال٦٠ مليون دول،،
بعد استثناء الستات
و المرضي و العواجيز
و الاطفال و رجال الدين،،
اللي مفروض ميدفعوش الجزية،،
و مع ملاحظة انهم
كانوا بياخدوا جزية
من المسلمين العلوج غير العرب،،
قول فاضل ٢٥ مليون نفر،،
يبقي ٢٥ مليون
مضروب في اربع دنانير ذهبية ،،
و ده اقل حاجة،،
لانها ملهاش حد اقصي ،،
و لو العِلج من دول غني
ممكن يدفع مية و ألف علي الرأس ،،
يعني بالميِت،
داخل للامبراطورية
مش اقل من
١٠٠ مليون دينار ذهبي سنوياً
مَسح زور كده!!!
باب الجزية بس،،
،،،،
جه عُمر بن عبد العزيز بقي
و أمر برفع الجزية
عن الي بيُشهروا إسلامهم ،،
و ده أدي لحركة ضخمة
من تغيير الدين للإسلام،،
بالذات بين الفقراء،،
و ده أدي
ل عجز خطير في الميزانية،،
لدرجة ان والي مصر
بعت يقول ل عُمر
انه استلف فلوس
من واحد من أغنياء البلد،،
عشان يكمل فلوس المرتبات !!!
و ان والي البصرة،
الشيخ زيد بن أرطأة
راجع عُمر الثاني اكثر من مرة
و قاله الناس بِ يكذبوا
و مش مسلمين بجد،،
قاله ملكش دعوة
و متجبش سيرة الموضوع تاني
و الا قعدتك في بيتك يا منافق !!!
و لما عرف ان والي خراسان
الجَراح الحَكمي
لسه بياخد الجزية
من المسلمين حديثاً
عزله فوراً رغم كفاءته الشديدة!!!
،،،،
الخِراج بقي،،
و ده الضرائب علي انتاج الارض
الي بيزرعها اهل البلد،،
كان تقريبا الحصيلة
بتاعته في عهد عُمر الثاني
هي مائة و عشرين مليون درهم،،
يعني اقل من رُبع الجزية
- الدينار تلاتة او أربعة درهم-
بالمقارنة مع الخراج
في عهد الجد عُمر الاول
من ثمانين سنة،،
كان الحصيلة وقتها
ييجي مائة مليون درهم،،
يعني غلة الخراج كانت في الناقص،،
و ده بسبب
نقصان حجم الامبراطورية،
بسبب التنازل
عن أراضي كثيرة لأهلها ،،
و اللين و الرحمة في جباية الخراج،،
و تأجيل الدفع
في حالة وجود ظروف قاهرة
عند المزارعين من جفاف او سيول!!!
الشروط المقيدة للضريبة دي
كان عُمر الثاني
ب يشدد عليها،،
توخياً للبعد المطلق
عن شُبهة الظلم في جمع الضريبة دي،،
،،،
فاضل طبعا
الغنائم و الفئ و فلوس الغزوات،،
و دي كانت خلاص بَح،،
كان حلم جميل و خلص ،،
واضح طبعاً،،
،،
مبقاش فاضل غير الزكاة،،
و دي بقي زي ما انتوا عارفين
بِ تخضع بالأساس
للدفاتر و الحسابات
بتاعة التجار و اصحاب المال،،
و بتكون علي صافي الربح ،
مش علي كل الفلوس ،،
و بالرضا أساسا مش بالغصب،
سمعت عن مسلم
-من بعد حروب ابي بكر
مع القبائل الانفصالية-
اتضرب عشان يدفع الزكاة؟
بس تسمع كتير
عن العُلوج اللي
انضربوا عشان
الخراج او الجزية ،،
و كان الخليفة عثمان من زمان
ساب الزكاة الناس
يدفعوها براحتهم في مصارفها،،
يعني الحصيلة
متغيرة و مش ثابتة،
و كان بقالها فترة،،
الدولة مش بتجمعها،،
و سايبة الناس يطلعوها بمعرفتهم،،
لانها مكانتش بتمثل
مصدر كبير للفلوس
بالمقارنة مع ما ذكرناه فوق ده،،
،،،،،
يعني من الآخر،،
الموارد نزلت لأقل من الخُمس ،،
و المفروض الامبراطورية تفلس اكيد،،
،،،،
بس ده محصلش
لانه عمل ترشيد جامد جداً في الإنفاق ،،
أي شكل ل البهرجة و البذخ و الترف ،،
تم إغلاقه و شطبه،،
و كل الحاجات الي ممكن تتأجل
تم تأجيلها أو إلغاءها ،،
،،
كمان
في عهد عُمر
لم يعد هناك اهتمام
بالبناء و التشييد
و الإعمار بواسطة الدولة،،
لدرجة ان والي الأندلس
اضطر ياخد اذن مخصوص
عشان يجدد كوبري فوق نهر في قرطبة!!
قارن ده ب واحد زي الحجاج
بني مدينة واسط بحالها من الصِفر!!
،،،
كل الي عمله عُمر الثاني
هو استمرار الأساسيات
من صيانة للطرق و المباني و الترع،،
و التركيز علي الرعاية الاجتماعية
للفقراء و المحتاجين،،
و حتي رعايا الدولة
من غير المسلمين
الفقراء و المساكين،
تم صرف فلوس و إعانات لهم!!
إنما مشروعات ضخمة،
مدن جديدة،
شق انهار جديدة،
قصور جميلة،
او بناء مساجد مزخرفة حتي،،
لم يكن لديه اهتمام بذلك ،،
،،،،،،،
،،،،
طيب هو ده كان إيه تأثيره
علي الناس و المجتمع؟؟
طبعاً ده عمل انتعاش قوي
للطبقات الغلبانة و المسحوقة،،
اتشال من عليهم الجزية ،،
و بياخدوا إعانات
حتي لو مش مسلمين،،
،،
زادت الفلوس في إيد الناس
و قلت نسبة الفقراء
بين المسلمين و غير المسلمين،،
و قلت درجة التوتر الاجتماعي،
لان نسبة اكبر من الناس
أصبحت تتشارك في الناتج الاجمالي،،
بس طبعاً
الامبراطورية و الخزائن و بيت المال
و الجيوش و المقاولات و القصور،،
كل ده بِيصفر مع الريح،،
،،،،
هتقولي بس
ده عمايله كويسة و جميلة!!
هقولك هي صحيح
كويسة للغالبية من الشعب!!
بس علي المدي القريب و البعيد،،
الامبراطورية بتتصدع و الدولة بتنهار،،
صحيح هو كان مهتم
ب القلوب و النفوس اكتر،،
و ان الناس تبقي مبسوطة و مرتاحة،،
فتقل المشاحنات و المشاكل،،
و ينتشر الحب بين الناس
بس دي حاجة
مش مؤكدة خالص انها تحصل ،،،
،،،
تابعونا و انتوا تعرفوا ايه حصل،،
،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق