الجزء ١١
الخليفة عُمر الثاني
راجل متميز و محبوب مفيش كلام،
و زي ما شُفتم قبل كده،،
الناس اللي بتحبهم
العامَة من الناس،،
بيطلع عليهم أدب شعبي،
و روايات خارقة و معجزات و كرامات،،
من الحكايات دي،
اللي طلعت علي
الخليفة عمر الثاني بعد وفاته:
حكاية الراجل الي
مر ب راعي في الصحراء،
ف لقي ييجي تلاتين "كلب"
نائمين وسط الغنم!!!
قام استغرب جداً،
و قاله انت عايز الكلاب دي
كلها ليه يا حاج؟؟
الراعي بص له و قاله:
دي مش الكلاب بتاعتي يا ابني
دي ذئاب الصحراء!!!
و من ساعة ما الخليفة
عُمر بن عبد العزيز
- الله يكرم أصله-
ما مسك الحكم ،
و هي حالها بقي زي مانتَ شايف،،
هو أصلح ما بين الناس،
ف أصلح ربنا ما بين الذئاب و الغنم!!!!
حاجة تخلي الواحد يقشعَر يا أخي،،
،،،،
واحدة تانية:
ناس من المقاتلين في الحرب
بتاعة حصار القسطنطينية الفاشل،،
أُسِروا و مات أغلبهم في الأَسر ،،
واحد كان معاهم
وِ قدر يهرب من السجن بعد فترة،،
و بعدين و هو لسه خائف
و بيجري في أرض العدو،،
بص لقي غبار كثيف ،
و ظهر بعده جياد بيضاء جميلة،،
و فوقها راكب زملاؤه
الي ماتوا في الحرب و الأَسْر دول!!
قام استغرب جدا،
و قالهم انتوا اسُتشهِدتوا
و انا شفتكم بتموتوا!!
قالوله ايوه صحيح،
بس النهارده
الخليفة الصالح
عُمر بن عبد العزيز مات،
و ربنا أذِن للشهداء،
يروحوا دمشق
عشان يصَلوا عليه و يعزوا فيه !!!؟؟
تعال معانا نوصلك معانا!!
و أخدوه علي ظهر حصان معاهم،،
و مفيش كام ساعة ،
الا و بقي في دمشق وسط أهله ،،،،
،،،،،
الحكايات دي مش بحكيها
بغرض السخرية و لا حاجة،،
بالعكس،،
هي مثال جيد علي مدي خصب
الخيال العربي الشعبي ،،
و حبه و تقديره للناس الي بيحبهم،
ب إضفاء المعجزات الإلهية عليهم،،
،،،
من الناحية الاخري،
اعتقد ان رواية
"تجديد الدين كل مائة سنة
علي يد مُجدد مُصلح"
تم إيجادها و نشرها،
تأثراً ب مقدار الزهد و الورع
و العلم الديني الكبير
لدي الخليفة عُمر الثاني ،،
لم يكن هناك في بداية الاسلام
أي ترقب أو إشارة
من احد من الصحابة
لأي مُجدد مُنتظر
او مُرمم لخروقات الدين!!
كما تفترض هذه الرواية ما سيحدث!!
بالعكس خالص،
كان فيه شعور عند البعض،
ان الارض و ما عليها،
سيرثها الله عن قريب!!!
لان الساعة اقتربت جدا،
و ما فات من عُمر البشر
فاضل له اقل منه بكتير و القيامة تقوم،،
لم يكن احد من الصحابة و التابعين
يتصور ان الحياة فوق الارض،
ستمتد الف و خمسمائة سنة كمان!!
بالكتير هما جيل و لا جيلين
و تقوم القيامة،،
كما في الرواية عن النبي،
- برده خد بالك-
بانه أجاب عن وقت قيام الساعة،
بأنها اقتربت جدا،
و ان الصغير وقت السؤال ده
لن يموت شيخا عجوزاً،
بل غالبا سيموت من قيام الساعة!!!
و ده طبعا متناقض مع الاعتقاد في
ان كل مائة سنة ،
هييجي راجل مجدد يجدد للناس دينهم،،
- رواية عن النبي برده-
بالنقد البسيط ده،
تقدر تعرف أصول
الروايات المتضاربة شكلا دي،
و انها غالبا بِ تمثل نفسية الرواة
في عصور الاسلام الأولي ،
و ده احتمال اكبر من انها تكون
روايات حقيقية في مجملها،،،
،،،
و كمان حكاية المُجدد كل مائة سنة دي،
هي رواية تدخل
في باب التنبؤ بالغيب،
و ده زي ما قلنا ضد صفات النبي،
الي لا يعلم الغيب او القدر،،
طبقا للقرآن نفسه،،
و إنما يُنبئ البشر
ب رسالة الخالق القدير،،
،،،،،
،،،،
تركت وفاة عُمر بن عبد العزيز
صدمة هائلة علي كل الناس،،
حتي أفراد العائلة الأموية ،
اللي زِعلوا و بَكوا بشدة!!!
اقرب الامراء ليه
كان ابن عمه
القائد العسكري الكبير
مَسْلمة بن عبد الملك،،
كان بجواره في لحظاته الاخيرة،،
كما أتاه أقاربه ،،
و حضر ولي عهده ابن عَمُه
الأمير يزيد بن عبد الملك ،
و تلقي منه الوصايا و النصائح،،
و نودِيَ ب " يزيد" خليفة للمسلمين،،
في بداية القرن الثاني للهجرة،،
سنة ١٠١ هجري،،،
النهاية العاطفية دي وسط
حب و حماية
و تقدير العائلة الأموية كلها ،
و وصيته ل يَزيد بكل
قوة و حماس و اخلاص،
كل ده ينفي اطلاقا
مسألة انه عمر الثاني مات مسموم ،
و انه يَزيد هو اللي سممه
طمعا في وراثة الحكم بسرعة،،
بس الحكايات
الي فيها شتايم للأمويين
بِ تْسمَع اكتر من الي تمدح فيهم ،
لأسباب كتيرة ذكرناها،،
،،،،
تسمع كثيرا من المشايخ
البكاء علي عُمر بن عبد العزيز
و انه لو فيه راجل زيه
الدنيا هـ تتغير بكره الصبح!!!
ده في رأيي يدخل في باب النَصب!!
هما إما مش عارفين
أو عارفين او مقلوش ليك- كالعادة-،
انه فيه تجربة مشابهة حصلت بعد كده
و فشلت فشل ذريع،،
،،
مفيش في التاريخ كله
الا عُمر بن عبد العزيز واحد بس،،
و ده مش بس بسبب
ورعه و زهده و عدله،،
دي مش أسباب كافية
لانه يكون خليفة و حاكم قوي خالص،،
تجربة عُمر الثاني
نجحت أساساً،،
لانها أتت في امبراطورية مستقرة
متوطدة الدعائم و العصبية ،
تحميها جيوش فتاكة ،
و أمن داخلي لا يرحم،
و انتهي من علي الارض
اغلب أعدائها الاقوياء ،،
تُغرد فيها الطيور و العصافير
و تمرح الفراشات آمنة،،
و لا يعارض الخليفة
فيها أحد علي ظهر الارض،،
فان مشي يمين قال الناس :آمين
و ان راح شمال صرخوا: هو ده الكمال،،
،،،
و الدليل علي كده ،
ان محاولة استنساخ
تجربة عُمر الثاني مرة أخري،،
حَصَلت و فشلت بتفوق،،
التجربة كانت لخليفة عباسي
جاء في عصر
انحطاط الخلافة العباسية،،
لما بقت الخلافة
لا تحتكم الا علي بغداد،
و كام بلد حواليها!!
و باقي البلاد
فيها ملوك محليين،
كل واحد فيهم
بِ يبعت قرشين كويسين،،
و ياخد التصريح المقدس للحكم
مختوماً من الخليفة العباسي البَرَكة،،
جاء الخليفة ده
و هو أحمد المستعين بالله
حفيد الخليفة الشهير المعتصم
و حكم خمس سنين
بعد حوالي ١٥٠ سنة من تاريخ
خلافة عُمر الثاني،،
و كان يلبس جِبة صوف،
و يمشي بين الناس في الاسواق،
و يأكل من أبسط الطعام،
و يجالس الفقهاء ،
و يمنع مجالس اللهو و الطرب،
و يقول وسط الناس،
انه يقتدي بالخليفة العادل
عُمر بن عبد العزيز!!
في الآخر
اتقتل الخليفة الصالح
المُستَعين بالله ،
في حرب أهلية داخل بغداد
بين مختلف طوائف الجند،،
و حبسه و عزله
جنوده الأتراك ،
و عذبوه و قتلوه!!!؟؟
و محصلش الأمن و الأمان ،
و الذئاب لم تنم وسط الأغنام !!!
،،،،
تجربة عُمر الثاني
يلزم لاستنساخها أولا ،
امبراطورية قوية مستقرة
تم ارهاب و قتل كل المعارضين بيها،،
و برده غالبا التجربة
هـ تفشل بعد شوية،
لانها زي ما شفتم ،
تجربة تقتل الامبراطورية ذاتها ،
و لو بعد حين،،
،،،،
،،،،
نرجع ل حكايتنا الأصلية
كنا قلنا ان يزيد
ابن عبد الملك بن مروان
من زوجته بنت الخليفة يزيد بن معاوية،،
يزيد كان مواليد سنة ٧٢ هجري،
يعني ابن جاي
علي كِبَر ل عبد الملك و زوجته،،
و الابن ده غالبا
بيكون متدلع
و مش بيتحمل المسئولية!!
بالذات لما يتربي
في بلاط محاط بالبذخ و الرفاهية،،
وسط الجواري اللطيفات،،
و وقت الفراغ الهائل،،
و لما تعرف انه كان
لسه في العشرينيات
من عمره لما تولي الحكم وقتها،،
تفهم ايه أسباب
التدهور الي حصل في عهده
و لما تحط ده ،
جنب إسهامات سليمان
و عُمر الثاني في تحطيم الامبراطورية،،
هتعرف ان يزيد بالتاتش بتاعه،،
جاب أجَل الامبراطورية ،،،
،،،،
يزيد ابن عبد الملك
- يزيد الثاني بعد يزيد بن معاوية-
كان متربي
وسط المشايخ و الفقهاء في طفولته،،
و كان له حظ
لا بأس به من الورع الديني
و لا يعرف عنه قبل تولي الخلافة،
شئ مُنكر او سئ،،،
مش بس كده،
ده فضل فترة
بعد وفاة عُمر الثاني
في زُهد و نُسُك و اعتدال
مشابهين لما كان فيه عُمر الثاني!!
،،
و لان تجربة عُمر الثاني
وحيدة و فريدة،
مقدرش يزيد الثاني
يعيش كتير في الدور،،
و رجع كل حاجة زي ما كانت،
لانه كان شاب مشبعش من الدنيا،
و لسه عايز منها كتير،،
ف رجع شغل الامبراطورية
بتاع القهر و الاحتلال و السَلب،
و حَلْب الفلوس من الرعية،
بالضرائب القاسية المتعددة،
عشان يقدر يجيب مصاريف البلاط
التي تقدر بالملايين و كان ألغاها
عُمر الثاني من قبل،،
بالاضافة لانه
الامراء و الحاشية كلها
كانوا قضوا سنتين ناشفين جداً،،
و الزهد و التقشف
حاجة حلوة يومين تلاتة كده،
زي الريچيم و الدايت و التمارين الرياضية ،،
إنما كون الموضوع
يطول شهور و سنين،
فده موضوع صعب قوي،،
و زمان
بعد وفاة عُمر الاول ،
الانصار و المهاجرين
كان أغلبهم زهقوا،،
من التقشف و الزنقة
الي أجبرهم عُمَر عليها،،
ف اختاروا عثمان بن عفان
كَ خليفة و حاكم،
لانه إيده فِرطة و هيفتح عليهم
الفلوس و العيشة اللذيذة،،
و فعلا عمل كده
و فتح حنفية الفلوس علي الكل،،
تكرر الامر برده
في عهد يزيد الثاني
اللي الحاشية بتاعته
حرضته بكل الطرق
علي انه يرجع ايام العز و السلطنة،،
حتي انه فيه مقولة غريبة،
بتقول ان لما يزيد الثاني طَوِل
في الزهد و اتباع سيرة عُمر الثاني،،
الامراء و رجال البلاط جابوا له
أربعين شيخ و فقيه،
حلفوا له بأغلظ الأيمان ان الخلفاء
لا حساب عليهم و لا عذاب!!!
فَ لما ارتاح
من الخوف من عذاب الله،
توجه للدنيا و نعيمها يغرف منهم،
بعد ما ضمن نعيم الآخرة!!!؟؟
،،
الحكاية مبالغ فيها
و شكلها مفضوح الكذب،،
كان الفقهاء يا سيدي
حِلفوا لسابقيه من الخلفاء،
اللي كلهم ماتوا و هم خايفين
من عذاب ربهم و سؤ المنقلب!!
بس الحكاية مغزاها واضح،،
كفاية بقي تقشف و زهد كده،
زهقنا و طهقنا،،
انتوا عارفين
ان الملك هو الشمس بالنسبة للأمراء
و دول عبارة عن كواكب
تدور حولها أقمار النبلاء،،
و دول كويكبات
تدور حولها العامة و تقلدهم،،
فمن الملك و سلوكه
ينتقل الامر للرعية و الشعب،،
و بكده كل الظروف الشخصية
و الامبراطورية و الشعبية
تحالفت ل إرجاع العهد القديم،،
فيه حاجة مهمة تانية حصلت،
خلت الامبراطورية لازم ترجع لسابق عهدها،،
ثورة جديدة خطيرة،
ضربت قلب الامبراطورية ،
و ضعضعت منها و من قوتها،،
هي ثورة الفارس القدير
يزيد بن المُهلب بن ابي صُفرة،
الي هددت كل شئ بالزوال،،
و مثلت أخطر تهديد للامبراطورية
من ايام ثورة ابن الاشعث،،
حكايتها حكاية الثورة دي،
تابعونا،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق