الجزء ١٤
تم القضاء علي آل المُهلب
قضاءً مبرماً،
بمعني الكلمة،،
و كتبت الامبراطورية بِ يدها،
فصلا جديدا في كتاب احتضارها البطئ،،
و انتهي عهد
كبار القادة العرب
من الصف الاول،
الذين بنوا الامبراطورية و شيدوها،
و بقي رجال الصف الثاني،
الذين سيحملون لواء حروبها
و يدافعون عنها
ل ثلاثين عاماً قادمة،
،،،
طبعاً القائد المحنك
مَسلَمة بن عبد الملك،
بعد ما أنقذ الامبراطورية،
من خطر الهزيمة علي يد،
واحد من أقوي فرسانها،،
بقي ملك غير متوج
علي شرق الامبراطورية،
و العراق بأقاليمه،
كان فيه وقتها متمرد آخر،
مُرابط جنب الكوفة،
اسمه شَوْذَب الخارجي،
من الخوارج الي
كانوا نشطوا تاني،،
بسبب يد الدولة الحِنَينة
في عهد الخليفة العطوف عُمر الثاني،
اللي كان لا يري جواز قتالهم،
لمجرد خروجهم عن الطاعة!
و سب الحاكم و التحقير من شأنه!!
و الثورة و قطع الطريق!!
و كمان كان
منع الشرطة بتاعته
و جواسيس الدولة،
من تعقبهم او اجتثاث جذور مقاومتهم،،
،،،
شَوذب ده
كان مُرابط خارج الكوفة،
و بعد وفاة عُمر الثاني ،
الخليفة يَزيد أمر والي الكوفة ،
عبد الحميد "من آل عُمر بن الخطاب"،
انه يبعت فرق عسكرية لقتال شَوذب ،
و بعت فعلا فرقتين عسكريتين،
و كالعادة ،
جيوش العراق
فشلت في قتال الخوارج،
و هزمهم شَوذب برجاله القليلة،،
و بقي ليه دولة و نفوذ،
و جَبي الخراج و الجزية،
من المناطق المحيطة بالكوفة،
لكونه يعتبر نفسه خليفة !!
و فضل كده فترة،
لغاية ما جه مَسلمة
بالجيش الضخم عشان يحارب
يَزيد ابن المُهلب،،
و بعد ما تم التدمير التام
ل يَزيد ابن المُهلب و رجاله،
بعت مَسلَمة
فرقة حربية علي رأسها
واحد اسمه سَعيد الحَرَشي،
من ابطال الصف الثاني الي قلنا عليهم،،
و ليه معانا حكايات قادمة،،
سعيد الحَرَشي راح ب
الجيش المحترف الامبراطوري بتاعه،
و قضي علي شَوذب و رجاله و دولته الصغيرة،،
،،
و بكده كل العراق تم تأمينه ،
و فضل النواحي الخارجية،
ناحية ايران و طاجيكستان و أوزبكستان ،
النواحي دي
من ساعة ما عُمر الثاني،
امر الجيوش بالانسحاب منها،
و هي بقت بدون حاكم قوي،
و بقت الامبراطورية ب تَتَحَكَم فقط
في مدن كبيرة زي سمرقند و غيرها،،
إنما كل الفراغ الي بينها بقي
تحت رحمة القبائل التركية هناك،
،،،،
نقطة توضيح،،
كلمة " التركية" دي مقصود بيها
خليط من الأعراق
الأوكرانية و المنغولية
و الطاجيكية و الأوزبكية ،
و البلغار و الروس و الأذربيجانيين ،،
برابرة المناطق دي يعني،،
و ليس "الأتراك" الموجودين
في تركيا الحالية،،
الاتراك الحاليين دول
هما صحيح خليط من قبائل
من شرق آسيا حتي منغوليا،،
بس دول استوطنوا تركيا الحالية
بعد سنين كتيرة،،
،،،،
عَيَّن مَسلَمة بن عبد الملك
زوج بنته
سعيد بن عبد العزيز الأموي ،
ك والي ل خراسان!!!
و كان سعيد ده
إنسان تربية قصور الشام،
شيك و أنيق و متعطر و متأنق،،
و ملوش في ركوب الخيل و حمل السيف!!،
و دي كوسة طبعاً،
و دليل علي درجة التحكم التام
في شرق الامبراطورية ،
علي يد مَسلمة !!
،،،
سعيد ده
مكنش مناسب ل ولاية خراسان،
الي محتاجة فرسان و وحوش جامدة،،
تقدر تواجه القبائل ال" تركية" هناك،
ب قلوب من صخر و نفوس كالثلج!!
و كان منظره
و هو لابس اللبس الشيك
الأنيق و قاعد وسط الطنافس
و الأثاث الي علي آخر موضة،،
و في نفس الوقت
مش قادر يمسك سيف،!!
كان ده منظر مثير
للتريقة و السخرية من قِبٓل الأتراك ،،
حتي انه طلع عليه
اسم مليان تهزيق،
و احتفظت بيه كتب التاريخ،
سعيد "خُذَينة"!!
و "خُذَينة" دي
هي الجارية القهرمانة
حاجة زي الماكييرة كده!!
زي ما تقول
" ايه الواد المُّز ده"
يعني تقدر تقول،
انه الكلمة دي معناها انه
مشكوك في رجولته و ذكورته!!!
،،،
مش بس طريقة لبسه
و عدم قدرته علي قيادة الجيوش،
هما سبب شيوع الاسم،
كمان ميله للسلام
و حقن الدماء،
و حاجات تانية هنشوفها،
خلت الاسم الهُزُء ده يشتهر،،
،،،
علي فكرة
سعيد مكنش متفرد
ب الأناقة و الشياكة و تنعيم الذقن!!
كتير من أمراء الدولة الأموية،
كانوا اتعودوا علي الرفاهية ،
و اتربوا في قصور ناعمة
وسط الجواري الناعمات
و الرقة و الجمال،
و اتأثروا ب المشية المتمخترة،
و الحركات المايصة،،
و الخليفة عُمر الثاني نفسه،
اتأثر بالحكاية دي،،
لما كان أمير قبل الخلافة،
و كان مهتم باللبس الناعم اللامع ،
و العطور الغالية الثمينة !!
بس الفرق الأساسي ،
ان الامراء اللي زي
سعيد عبد العزيز "خُذَينة " ده،
كانوا غالبا
مبيخرجوش من القصر ،،
و الامراء الأكثر قساوة ،
هما اللي كأنو بيتولوا الإمارة و الحكم و الحرب،،
بس هي الكوسة الي خلته ،
يروح يمسك حتة صعبة
زي خراسان كده،،
،،،،
رغم ذلك
كان من شباب الامراء الامويين
و لا يتردد في قرارات الحسم ،،،
سعيد بعت
يقبض علي الحكام العرب
و الامراء اللي كانوا بيحكموا
تحت حكم العهد البائد
ل يَزيد ابن المُهلب ،،
قبض عليهم
و حبسهم و أخد فلوسهم،
و عذبهم وبهدلهم ،،
و بعضهم ماتوا من التعذيب!!
مش هو بنفسه اللي عمل كده صحيح ،
بس فوض ناس تانية في مدن زي
سمرقند و غيرها يعملوا كده،،
في خضم حفلة التعذيب
للولاة السابقين ذوي الولاء
ل يَزيد ابن المُهلب ،،
مات بعض من الولاة دول،،
هنا بقي،
سعيد أتضايق شخصياً
من قتل بعض الناس دول،
من مُساعدي
و رجال ابن المُهلب،،
لان كان منهم
ناس قدرهم كبير،
تقريبا السجانين الي بيعذبوهم
اتحمِسوا شوية في الدور ،
كمان واضح فعلا
انه سعيد ده
كان ذو قلب رُهَيف!!
،،،،
ممكن نشبه الضعف اللي حصل
في الامبراطورية وقتها،
بالضعف الي حصل وقت الحرب
الأهلية العربية الأولي و التانية،،
هو صحيح ،
الضعف لم يصل
لدرجة دفع الجزية
للبيزنطيين مقابل السلام و عدم الاعتداء،
زي ما عمل معاوية
و عبد الملك بن مروان
زمان أثناء الحربين دول،،
بس اليد الباطشة للامبراطورية،
ضِعفت جداً من آثار
اعمال عُمر الثاني و الحرب المُهلبية ،
حتي ان قبائل الترك،
حاصروا بلدة بجوار سمرقند،
كان فيها جالية من العرب ،،
و اشتد الحصار عليهم،
لدرجة ان
عثمان بن الشِخِّير والي سمرقند،
كلف متطوعين من الحامية،
بقيادة قائد عربي
اسمه المُسَيَب الرَياحي
انهم يروحوا ينقذوهم،،
بس القوة دي
تآكلت لأقل من الخُمس!!
بعد تراجع
اغلب الجيش من قبل
الوصول للمعركة،
و انسحابهم،
خوفا من الاتراك و الطريق المهلكة!!
و بسبب حاجة تانية هتعرفوها حالا،،،
،،،
لما التحم الجيش الباقي بشجاعة ،
مع القوة التركية
المحاصرة للعرب في مدينتهم،
و قِدروا يدخلوا المدينة،
مكنش فيه عبيد او سبايا
او غنائم كبيرة ياخدوها،
مكافأة علي حربهم دي،
- عرفتوا سبب انسحاب اغلب الجيش -
قائدهم الرَياحي،
قالهم محدش ياخد
اي حاجة من غنائم القصر!!
( هي ناقصة كمان يا سي الرياحي
ده الغزوة دي ناشفة خالص كده)
احنا لازم نبقي خُفاف
و نمشي بسرعة!
قبل ما الاعداء يرجعوا لنا!
شيلوا بس الناس الي في القصر،
أطفال و ستات و رجال،
و الي هيشيل اي واحد او واحدة
من العرب المُحاصرين علي فرسه،
له مكافأة أربعين درهم لو عايز!!
،،،،،
للدرجة دي
انهارت هيبة الامبراطورية،
اللي زمان ايام الحجاج،
بعتت جيش عرمرم
يغزو السند كلها،
و يقتل ملكها،
عشان واحدة صَوَتت
و قالت "يا حجاج"!!!
دلوقتي "الرَياحي" الشهم
بيدفع من جيبه فلوس
عشان عرق المحاربين الشجعان!!!
الي بينقذوا الحرائر العربيات،
،،
لكن زمن الحجاج و إمبراطوريته
انتهي ،،
،،،،
عشان كده بقي،
سعيد بن عبد العزيز- خُذَينة AKA -
بعت السرايا و الجيوش،
تقاتل الأتراك نواحي داغستان الحالية،
تثبيتاً لكيان الدولة و الامبراطورية،،
و استرجاعا للهيبة و المجد،،
،،،
و هزم بعض القبائل
في بعض المعارك،،
في مرة انسحبوا الاتراك،
و جريوا من جيشه،،
قام الجيش ما صدق ،
و تدافع أفراده
لنيل الغنائم و السبايا،،
فنهرهم و زعق فيهم
الوالي سَعيد خُذَينة ،
و قاللهم البلد دي و خيرها،
بتاعة الخليفة شخصياً،،
و بطلوا تخريب فيها!!
الناس استغربت الكلام،،
قام سعيد قالهم موضحا:
هو انتم يا أهل العراق
- الجيش فيه ناس من العراق-
مش خرجتم و ثُرتم
علي الخلفاء مرات عديدة؟؟
شفتونا أخدنا منكم سبايا أو غنائم؟؟
،،
الكلام مُفحِم الحقيقة،،
،،
و كان كل ما الجيش
يعمل غزوة او ضربة،
و ييجوا شايلين
البنات و الستات السبايا
و الاطفال و الرجال العبيد،
و ناهبين فلوس البلد كلها،،
سعيد كان وقتها،
يغضب و يزعق فيهم،
و يجبرهم يسيبوا الناس دي
و يدوهم حاجتهم عشان يرجعوا بلادهم!!
لانه شايف
ان ده تخريب للامبراطورية،
اللي لازم تتبني من جديد،
و ترجع التجارة و الزراعة تزدهر فيها،
و الخراج و الجزية و المكوس تكبر و تكتر،،
و كل ده عمره ما هيتحقق،
بالنهب و التخريب
لكل قرية صغيرة،
او مدينة كبيرة،،
لان السكان المحليين AKA "العُلوچ"
هما المادة الاساسية للاقتصاد و الفلوس،
زي ما زمان
زياد بن معاوية
AKA زِياد " ابن أبيه"
قال لرجاله انهم
يحافظوا علي العُلوج و يحموهم،
"لانهم مصدر كل الفلوس و العز الي احنا فيه"!!!!
يمكن سعيد بن عبد العزيز
كان متعلم و متنجر
و فاهم في الاقتصاد،
لان تربية القصور
مش كلها مسخرة و مياصة،
فيها كمان
احسن أساتذة
و أفضل تعليم
و اهم مستشارين،،
و بالاضافة ل رقة طبعه الي خلته
يزعل علي قتل رجال ابن المُهلب ،،
كمان زعل علي نهب و سلب العُلوج ،،
،،
لو كان عُمر الثاني هو الي قال كده
- و فعلا قال
و عمل الكلام ده و اكتر-
كنت هتلاقي
قصائد مديح في العظمة و الجمال،
و التدين الحقيقي و الوجه الحضاري ،،
إنما سعيد بن عبد العزيز يعمله!!
يبقي الواد سعيد ال،ول،،،
او سعيد خُذَينة !!!!
،،،،
أتضايق منه كتير
من الفرسان و القادة،
الي كانوا شايفين
ان السبايا و الغنائم دي،
" عَقِيرة الله"
يعني زي البهائم الحلال أكلها كده،،
مين يقدر يمنعنا نأكلها حلالاً بلالاً؟؟
،
و لان كلهم تقريبا ،
اجمعوا علي كده،
ف اشتهر في التاريخ ب "خُذَينة "،
و طلعوا عليه الاسم المسخرة ده،
لانه منعهم من " عَقِيرة الله"
حقهم الي بياخدوها جزاء قتالهم
و حق عرقهم و جهدهم الغزير!!
،،،،
بس رغم الجهود بتاعة سعيد،،
و يمكن برده
بسبب غياب قائد قاطع فاتك،
وحش كبير يقود الجيوش بحزم و صرامة،،
و مع غياب الحافز الاقتصادي!!
و قلة الغلة من الغنائم ،،
كانت النتيجة ضعيفة،
من حيث استعادة هيبة الامبراطورية،،
و المثال الي قلناه فوق
القائد الرَياحي
الي طَلَع من جيبه يدي الجيش،
و سعيد اللي منع النهب ،
يؤيدان رأيي،
في تخاذل الجيوش ،،
عشان كده،،
الامبراطورية فضلت إيدها ضعيفة
و بعض جيوشها انهزمت من الترك،،
،،،،،،
و دي كانت قصة سعيد خُذَينة ،،
معبرة عن مأساة الامبراطورية،،
تابعونا،،