الاثنين، 9 مايو 2016

ابْن الزُبَيْر و ابْن مَرَوَانْ




الجُزء ٣٣ و الأخير 

تم تمهيد الارض و البلاد
و قُتِلَ كل الاعداء و نُحِروا
يميناً و يساراً...

فقد تم دحر و تصفية كل الثوار
و آخرهم ابن الاشعث و فقهاؤه و مواليه،،

و استمتع الناس
 ب ليالٍ صيفية جميلة طويلة
و استتب الامر لِ دولة ابن مروان،،،


بدأت شمس جديدة 
و دولة قوية سعيدة
هي من اهم دول التاريخ و أوسعها،، 

دولة الفتوحات المتوالية
دولة ابناء و عائلة و موالي عبد الملك،،

التي اتسعت اتساعاً 
فاقت فيه 
اي امبراطورية اخري
في فترة وجيزة،،،

بعد ان استعادت بسرعة
ما كان قد فُقِد في سنوات 
الحروب الأهلية الطويلة،،

،،،،
الاتساع الإمبراطوري المهول ده
هو اهم أسباب سكوت الفقهاء و العامة
عن مثالب و فظائع و جرائم الامبراطورية ،،،

لانه نجاح فيه
 اتساع جغرافي و مادي  للدولة،
مما عاد بالخير الوفير علي كل العرب،،

و مع النجاح الشديد
تسكت كل الألسنة طبعاً،،،
،،،،

رافق النجاح الإمبراطوري  ده،،

الترقي الحضاري،،،
المتمثل بالوجه الروماني في الشام،،

و بداية النهضة العلمية الحقيقية،،
و بداية اعتبار 
"قراطيس " العُلوچ
" علوماً"  حقيقية،،

و حركة الترجمة و التعريب،،
و نشر اللغة العربية في أنحاء الامبراطورية ،،

و تثبيت الشكل النهائي للقرآن،،
بعد تعديلات و تنقيحات الحجاج،،

و كمان ازدهار الشعر و الأدب ،،

كل الشعراء المشاهير
 الي سمعت عنهم،،

هما معاصري
 الفترة المروانية دي  ،، 

عُمر بن ابي ربيعة
"و ده كان من معاصري معاوية"
،،
جرير، 
الفرزدق ،
الاخطل،
و الراعي،،،

و دول كانوا
 شعراء الدولة المروانية
بامتياز و بوق الدعاية الخاص بها!!!

و ضربوا المثل في علاقتهم بالدولة
و الفلوس الي بياخدوها مكافآت،

بعلاقة المثقف و الفنان
و تبعيته للدولة و انه من غيرها يجوع!!!

و كان كل من بعدهم من الشعراء
واقفين علي باب الخلفاء ليل نهار
للمدح و النفاق و الكذب
و الدعاية و البروباجندا للحكام!!

مقابل زكايب الفلوس
 و الجواري و الهدايا!!
،،،،

اما عن الفقهاء و التفكير الديني
فقد اتجهوا شوية شوية
لترسيخ الأوضاع 
و كبت اي مصادر للتعددية و التغيير،،

شفنا جذور تحريم معارضة الحاكم،،

و غياب الإبداع في ابتكار اي وسيلة
شرعية لمقاومة الحكام المفتريين؟؟

أو إيجاد طرق لمحاسبة الحاكم!!
أو طرق لتعيينه!!
أو طرق لتقويمه!!
أو طرق لتغييره!!
أو طرق لتقسيم السلطة!! 
أو طرق  لضمان العدالة الاجتماعية؟؟؟

كل ده الفقهاء سابوه
و تفرغوا لفقه البيع و الشراء!! 
و النكاح و الجواري!!
و تدعيم السلطة الذكورية في المجتمع!!
،،،

أتي النبي محمد
و نقل النساء من 
مجرد متاع و منقولات،،
فصرن مستقلات و ذوات اعتبار منفصل،،

بل و أصبحن حاملات 
لشرف نقل الشريعة،،
بعد ان كُن عاراً و بلوي،،

و مستحقات للميراث
 بصرف النظر 
عن مكانتهن الاجتماعية،،
بَعد أن كُن جزءاً من الميراث!!

و ذوات نصيب
 في غنائم الحروب،
بعد ان كانت كل علاقتهن بذلك
 ان يكُن من السبايا،،

و مات النبي 
و السيدات يخرجن للصلاة
 في المسجد بجانب الرجال،،،

و يقفن ليجادلن الخليفة 
او يَقُدن الحروب
او يناظرن الشعراء 
او يُطببن الجرحي،،

،،،،
كان منتظرا من الفقهاء مثلا
 ان يستنوا
ب سنة النبي و مسلكه 
في إعطاء السيدات مزيدا من الحقوق!!!
،،

كما كان مفترضاً 
ان يستنوا بسنته 
في التضييق علي  
مسألة الاستعباد و الرقيق
و التمهيد للقضاء عليها؟؟
،،،

كان مفترضاً منهم
 استنكار الغني الفاحش،،
و كراهية الإسراف فعلاً 
مش قولاً في الخُطب و خلاص؟؟
،،،،،


كل الحاجات دي
مقربوش منها
بل وصل الأمر لدرجة
 إباحة بيع الإماء الحوامل !!

و الثناء علي 
ضرب الزوجات و الحض عليه!!!

و التهالك خلف 
أعطيات و منح الأثرياء و الملوك!!!
،،،،،

فيه فقيه كبير و  مشهور  في الوقت ده
بيمثل  احدي بدايات
  المدرسة الفقهية دي
اسمه سعيد بن المُسَيَب،،،،

هو أكبر و أشهر علماء التابعين
و مؤسس لمدرسة النقل و الرواية،،،

عالم جليل و كبير جداً
و علمه و ورعه و شفافية روحه
علي درجة عظيمة جداً،،،

بس كان بيكره الستات و سيرتهم
و شايفهم أُس المصايب كلها
و حبائل الشيطان 
و موطن الشر في العالم!!!!

و اكيد ده صبغ النظرة الفقهية
-الي وصلها  لتلامذته-
بالنظرة الاحتقارية الشهيرة للستات
و ده انتقل للمجتمع بطبيعة الحال،،،

فاختفت  سيرة 
عقيلات قريش و المدينة 
الأوليات الفضليات المستقلات،،،

و ظهرت سيرة
 حبيسات الدار
معدومات الرأي
المنقادات لسطوة الذكور،،،
و يحمدوا ربنا علي اللقمة الي بياكلوها،،

،،،
الشيخ سعيد ده
كان عنده بنت فاضلة
 مربيها التربية الصارمة 
المتوقعة من واحد في عقليته،،

و كان عنده راجل طالب علم 
 في حلقته الدراسية
شايفه راجل محترم و ذكي،،،

بعد ما الراجل ده زوجته توفيت،،
الشيخ سعيد قاله ليك في الجواز؟

قاله يا مولانا ما حيلتيش اللَضي،،

قاله ده كفاية و زيادة كمان،،
انا هجوزك بنتي!!!
و مهرها القِرشين- حرفيا- الي معاك دول،،
موافق؟؟

الراجل مصدقش نفسه 
و وافق طبعاً،،
و رَوَح و هو طاير من الفرح،،

جوازة و نسَب و علي المرتاح،،

المهم ليلتها
 لقي خبط علي الباب،،
فتح لقي الشيخ سعيد واقف بره،،
و جنبه واحدة مستخبيية في هدومها،،

الشيخ قاله:
مساء الخير
دي مراتك 
-و زق البنت-!!!

و دي هدومها
 - و اداله كيس -!!!
سلام عليكم،،

و قفل الباب و مشي!!!

،،
طبعا البنت أغمي عليها!!!
و أم الراجل جت جري
تطبطب عليها
و تهدي من فزعها!!
،،

الزوج بعد شهر العسل
راح لحلقة الدراسة
 عند حماه الشيخ سعيد،،
الشيخ قاله
اخبار الناس الي في البيت ايه؟

الراجل قال 
ميت فُل و الف شكر،،

الشيخ سعيد :
طيب كويس
لو فيه مشكلة منهم 
مترجعليش خالص
بالجزمة علي طول!!!

و اداله عشرين الف درهم هدية!!!!
،،،،،

الشيخ الي
 يعمل كده في بنته،،

و يعتقد فيها
 انعدام الأهلية و الحرية
لدرجة تساوي درجة العبيد،،

تقدر تفهم من حكايته دي
مدي التراجع الي تفشي وسط العلماء،، 
،،،،
،،،،

المهم ان الوقت بيعدي
و بيبلع الناس معاه،،،

و عبد الملك عايز
- كالعادة في المواقف دي-
يخلع اخوه عبد العزيز من ولاية العهد
و يحط ابنه الوليد مكانه،،

عبد العزيز لم يوافق
و كادت تحدث مشكلة كبيرة،،

بس عبد العزيز قال لاخوه الملك:

انا أصلا عيان و قربت أموت،،
و الموضوع مش مستاهل
 تهزأني كده علي آخر العُمر،،
الصبر يا أخي،،

و فعلا مات بعدها بشوية،،
و تم تنصيب 
الوليد و اخوه سليمان بعده
أولياء للعهد،،،

و بكده اطمأن عبد الملك لتراثه
زي اي إمبراطور بيمهد العرش لذريته،،
،،،،

مرض مرضه الأخير 
و كان سنه حوالي الستين،،
تقريبا سنة ٨٦ هـ،

و ليس في الارض حوله
اي منازع لملكه او سلطانه،،

واضح انه 
بعد عشرين سنة في الحكم
كان أصيب بصعوبة في التنفس
أظنها من ضعف القلب و أمراض السِمنة،،
،،،
"
يا رب 
إن ذنوبي عظيمة،،

وإن قليل عفوك 
أعظم منها،،

فامح بقليل عفوك 
عظيم ذنوبي 
يارب العالمين"

ده كان دعاؤه و هو علي فراش موته،،
،،،

لكنه كأي إمبراطور قوي
جمع عائلته و خلصاءه
و أوصاهم:

 كونوا 
بني أم بَررة،،،
 وكونوا 
في الحرب أحراراً
 وللمعروف مناراً،،

فإن الحرب 
لم تدن منية قبل وقتها،،

وإن المعروف
 يبقى أدره وذكره،،

 وأحِلوا في مرارة 
ولينوا في شدة،،

" وصية بحسن السياسة
 و الحزم و المعروف
و الشجاعة و القيادة"
،،،

  يا وليد - ابنه ولي العهد-
اتق الله فيما أخلفك فيه،،

 وانظر الحجاج فأكرمه،،
 فإنه هو 
الذي وطأ لكم المنابر،،

 وهو سيفك يا وليد
 ويدُكعلى من ناوَأك
 فلا تسمعن فيه قول أحد،،

وأنت إليه 
أحوج منه إليك،،

 وادع الناس إذا مت إلى البيعة 
فمن قال برأسه هكذا
 فقل بسيفك هكذا!!!

" وصية ب السيف بلا تردد
في أمور الدولة العظمي
و قطع دابر أي مصدر للمشاكل"
،،،،

تلاحقت أنفاسه و اشتبكت 
و اصبح الكلام صعبا
و التنفس مشقة،،
،،
رآه الوليد ابنه
فبكي علي فراق أبيه،،
،،،،

فالتقط أنفاسه الاخيرة
 بحزم و عظمة:

""يا وليد، 
لا أعرفنك إذا أنا مت 
تجلس وتعصر عينك،
 وتحن كما تخن الأمة الوكعاء،

 لكن ائتزر وشمر 
والبس جلد النمر، 
وضعني في حفرتي،
 وخلني وشأني ،
 وعليك وشأنك. 

وادع الناس إلى بيعتك،
 فمن قال بوجهه هكذا
 فقل بسيفك هكذا""

،،،،
مات الإمبراطور العظيم
و ترك الدنيا بعده
مختلفة كلياً عما كانت قبله،،،

مات أحد 
أهم الخلفاء المسلمين،،

و احد أكثرهم انجازاً
و أشدهم تأثيرا حتي يومنا هذا،،

و ما" قبة الصخرة"  الذهبية
التي بناها و مازالت تتلألأ ،،

ألا اقل مثال 
علي عظمة و مجد 
هذا البطل الأسطوري ،،،

،،،،
رحم الله عبد الملك بن مروان
و تجاوز عن سيئاته
،،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق