الجُزء ٣٠
عبد الرحمن بن الأشعث
إتعين قائد
علي جيش الانتقام المِتْفَخفَخ
الي أنفق الحجاج عليه الكثير
و جهزه بأحسن سلاح و عتاد،،،
،،،
واضح ان الانتقام
من أفعال اهل سجستان
و ملكهم "ارتبيل"
وَ استعادة الهيبة الامبراطورية،،
كانت في غاية الأهمية وقتها،
و الاحتياج لنصر كاسح
كان مهم و حيوي جداً،،،
،،،،
الجيش دهَ
من كُتر الأبهة و المنْجهة
الي كان فيها
اتسمي ب "جيش الطواويس"
و اعتقد ان ده لأن الحجاج
أسسه بمساعدة
ناس من جيوش الشام،،
الي أسسوه علي الأساس
الإمبراطوري الروماني
المتشيك و المتزوق،،
،،،
المهم ان الجيش المهول ده
توجه ل سجستان
للانتقام الزؤام،،
و كالعادة
ملك سجستان
لا يملك غير نفس التكتيك،،
تقديم الضحايا
من ناس و قري و أموال،
لاستدراج الجيش
اكتر و اكتر
و تشتيت قوته،،
أملا في اصطيادهم
في كمين او وادي او عند نهر
مرة في التانية في التالتة،،
،،،،
بس المرة دي
عبد الرحمن القائد بتاعنا
لم ينخدع بِ التكتيك ده
و كان كل ما يستولي علي بلد،
يقعد فيها شهر او اكتر
يظبطها و يأمنها و يؤسس،
لقواعد للجيش تؤمن له
الإمداد و المساندة،،،
،،،
و هو كان اتعلم الحكاية دي
من داهية العرب
المُهلب بن ابي صُفرة
في حروب الخوارج،،
لانه كان طلع زمان
مع بعض الجيوش
الي حكينا عنها،،
و كانت اتهزمت من الخوارج،،
لان بعض القادة اتغروا
بعدد الجيش و عديده
ف باؤوا بشر هزيمة،،
بينما المُهلب الي كان بيهتم
بالتأمين الدفاعي و التحصين،
قبل الهجوم و الاندفاع
هو الي كان بِ ينجح و يفوز،،
،،،،،
الموضوع طبعاً كده بيطول
و من سنة ٧٩ هجري
في بداية خروج الجيش،،
و صلنا ٨٠ هجري
و الجيش لسه في الطريق
يمشي الهوينا،،
،،
الحجاج بعت يستعجلهم
و يقولهم لازم تهاجموا
و ايه اللكاعة دي؟
عبد الرحمن قاله علي فكرته
و فلسفة التقدم ببطء و ثقة،،
الحجاج لم يقتنع
و قاله بقي بعد
المصاريف الي انا صرفتهم
و التدريب و التسليح و المرتبات،،،
جاي تقولي التقدم ببطء و ثقةء؟؟
ما كنت ابعت
اي جيش تاني
و اي حد غيرك،،
من غير مصاريف و لا حاجة
و كان هيعمل احسن منك كمان،،
عبد الرحمن اتضايق،
و الناس في الجيش
قعدت تتوشوش
ان الحجاج كل الي يهمه الانتصار ،،،
بصرف النظر عن الضحايا،،
و قاعد في بيته متدفي
و هما الي في الغُربة و البهدلة،،
و القائد عبد الرحمن بن الأشعث
أتأكد ان تعيين الحجاج له
برغم خلافهم السابق،،
كان عشان يخلص منه
و يضمن هلاكه
في الحرب البعيدة دي!!!!
قام بعت للحجاج:
ان الجيش عايز يرجع
و يريح في البصرة شوية،،
الحجاج قاله:
محدش يرجع
الا بعد تمام المهمة
و تدمير سجستان و قتل ارتبيل،،
،،
أرتبيل في الوقت ده
كان بدأ يزهق من الحرب
و يقتنع انها خراب علي بلده،،
و ان الانتصار تمنه
أغلي من الاحتمال،،
و كان بيراسل عبد الرحمن
علي السلام و العودة
تحت حكم الامويين
و دفع الجزية زي زمان،،،
بس طبعا
الحجاج لم يوافق اطلاقاً،،
و قال للجيش
انتم مش في غُربة!!
البلد الي انتوا فيها
بقت هي بلدكم
و تعايشوا مع كده!!!
،،،،
الغضب ضده ازداد
و الكلام بقي صوته عالي ،،
ضد الظالم المفتري
عدو الله سافك الدماء!!!
و ان واحد زيه
و زي الخليفة الي مِعَيِنه،،
ناس مفترية و ظالمة،
و ميستاهلوش أبدا
الطاعة و الحرب تحت رايتهم!!
و بدأ النداء ب
شق عصا الطاعة يعلو،،
و كانت القشة الاخيرة
لما الحجاج بعت
يأمر عبد الرحمن
بالتنحي و تسليم
قيادة الجيش لأخوه إسحاق ،،،
هنا بقي،
أعلن الجيش العصيان رسميا!!
و خلعوا طاعة الحجاج و عبد الملك
و رجعوا علي البصرة غاضبين !!!
المُهلب كان في ايران وقتها
و شايف الوضع و فاهمه،،
قام بعت للحجاج قاله
الناس دي غضبانة و متحفزة،،
سيبهم يرجعوا
و يدخلوا البصرة،،
و بعد ما
كل واحد يروح بيته
و يهدي من أخلاقه،،
ساعتها بقي اعمل الصح و ابقي
اضرب علي يد القادة بتوعهم!!؟؟
،،،
الحجاج معجبوش الكلام ده
و عمل جيش بسرعة
-و طبعا مكنش بقوة جيش الطواويس-
و هجم عليهم و هما راجعين
و طبعاً جيشه انهزم!!
و أدرك صحة نصيحة المُهلب الداهية،،
،،،،،
و هنا بقي
اصبح الكابوس حقيقة،،
انقلب جيش الدولة عليها
و قامت حرب أهلية حقيقية
بين جيوش الدولة الواحدة،،
مش بين ثوار و متمردين من ناحية
و بين الحكام الشرعيين من ناحية تانية،،
،،،،
و بكده سيناريو
مطرف بن المغيرة
تم تكراره
بس المرة دي علي
نطاق و عمق و حجم أضخم بكثيير،،،
و اصبح هناك
" شِبه خليفة " جديد،
عامل زي المختار الثقفي كده
فيه ناس تحت حكمه
و بِ يجبي الضرائب و الزكاة!!!!
و من عند باكستان
مرورا بجنوب ايران
حتي الأحواز وصولا للبصرة
كل ده بقي تحت إيده ،،،
و زي المختار
ما حصل معاه برده،،
تقاطر اصحاب المظالم
و المقهورين في الارض،،
من الموالي و العبيد و الفقراء
للانضمام ليه
خلاصاً من حياتهم البشعة،،
و طمعاً في منصب
و مركز اجتماعي
احسن بعد انضمامهم كمحاربين
لجيش فائز و دولة جديدة،،،
بعد ان اسودت الدنيا أمامهم
في الدولة الماثلة أمامهم
و أصبحت الحياة بلا قيمة،،
،،
وصلنا سنة ٨٠ هجري
و أصبحت الدولة منقسمة
لجناح شرقي تحت قيادة
عبد الرحمن بن الأشعث و جيشه
و جناح غربي
من الكوفة و انت طالع للشام
بقيادة الحجاج و خلافة عبد الملك
،،،
ده تقريبا الي حصل
في الثورة "البلشفية"
الي حولت روسيا من
"ملكية قيصرية"
ل "جمهورية شيوعية"،،،
في نهاية الحرب العالمية الأولي
انقلب الجيش الي في الجبهة
علي القيصر !!
و تمرد عليه!!
و نفخ في الحكاية دي
ناس كتير من الثوار!
الي كانوا انضموا للجيش
بالغَصب او بِنِية التحريض
و تجنيد الاتباع و اكتساب خبرة قتالية!!
و رجع الجيش ده
و اسمه "الجيش الأحمر"
و قاتل ضد الجيش الموالي للقيصر
و اسمه "الجيش الأبيض"
حتي استطاعوا دخول العاصمة
و إعدام القيصر و أسرته،،
،،،،
،،،،
بس فيه نقطة مهمة جداً
ايه المرجعية الدينية
لعبد الرحمن بن الأشعث؟؟
الي تخلي المسلمين
يقاتلوا مسلمين آخرين؟؟
و يقتلوا ناس أبرياء في النص
و يموتوا هما نفسهم في الحرب؟؟
،،،،
هو لم يكن من آل النبي
"ثورة الحسين"،،
و حتي لم يتقنع براية آل النبي
"المختار"،،
و لم يكن قرشياً فقيهاً
من السلالة الملكية
"ابن الزبير"،،
و لم يكن أميراً أموياً متمرداً
"عمرو بن سعيد بن العاص"،،
و لم يكن
من اهل نجد المتمردين
ذوي الفقه المختلف
"شبيب و قطري و ابن فديك و نجدة"،،
،،،،
فين الشرعية الدينية
الي تضمن
ان الناس تقاتل باستماتة
طمعاً في النصر أو الشهادة
و هما مطمئنين لسلامة موقفهم،،،
،،،
جاءته من حيث لا يحتسب،،
انضم له أفواج
من القُراء و حفظة القرآن،،
،،
زي المختار برده،،
،
و زاد عليه
ان كبار العلماء في البصرة وقتها
انضموا لجيشه
و قادوا كتيبة استشهادية
اسمها كتيبة "القُراء"،،
حاجة كدة زي
كتيبة او جيش " التوابين"
بقيادة ابن صُرد،،
الي راحوا
هاجموا الدولة الأموية
انتقاماً من قتل الحسين،،
و كانوا كلهم متدينين و متحمسين
و فيهم من الصحابة و العلماء و القُراء،،،
،،،،
بس هنا بقي
كتيبة " القُراء"دي
بقت جزء من جيش ضخم
و مملكة لها وجود علي الارض،،
،،،
و بوجود مشايخ
في ثقل و حجم:
سعيد بن جُبير،
و ده من الموالي،،
و الشعبي،
من بني همدان اليمنيين،،
و ابن ابي ليلي،
من الانصار،،
و انضم معنويا كمان
أنس بن مالك الصحابي
العجوز جداً وقتها،،
،،،،
و دول ناس
من الصحابة و التابعين
و من رواة الأحاديث الكبار
عن اهل مكة و المدينة من الصحابة ،،،
و كان لهم ثِقل معنوي كبير
أعطي ثورة ابن الأشعث،،
زخم روحاني كبير
لم يكن ليصل اليه لولا انضمامهم اليه،،
،،،،
طبعا ده يأكد اكتر و اكتر
ان كل الأحاديث و الروايات،،
المشهورة عن حُرمانية
الخروج علي الامام الظالم
و خلع الطاعة،،،
وصولا لدرجة
تكفير فاعل ذلك،،
هي من قبيل المحدثات في الدين!!؟؟؟
خصوصا و ان
الحجاج زي ما قلنا
و عبد الملك زي ما وضحنا،،،
ناس علماء في الدين
مقيمين لفروضه و حدوده
واضحي الإيمان
و عميقي القدر في الفقه و أصوله ،،
و تقريبا مفيش حد جه بعدهم
من الخلفاء و الوزراء
كان في درجة علمهم الديني دي
الا مثال او اتنين،،
و بكده لا ينطبق عليهم اطلاقاً
الكُفر و الخروج من الملة،،،،
الي يبرر حربهم و الخروج عليهم،،
،،،،،
التغير في شكل الاسلام ده
حصل مع الوقت،،
بنية حسنة طبعا
هدفها سد أبواب الخلاف و الفرقة،،
و اتكرر حاجة زي كده برده
مع حقوق و كينونة المرأة،،
الي اتبهدلت و ضاعت
من كونها شريكة و إنسانة مستقلة،،
وصولاً لانها متقدرش تفتح بقها
في اي شئ
قدام اصغر طفل في عائلتها!!!
و متشوفش نور الشمس
غير جوه حوش بيتها بس!!!
و جوزهامن حقه يضربها بالجزمة
لو غضبت عليه و خاصمته!!!!
التاريخ ده عِبَر،،
،،،،
بكده توفرت
كل أسباب النجاح
لثورة بن الاشعث،،
حشد مهول من الناس،،
مساندة دينية،،
روح معنوية عالية،،
مملكة حقيقية،،
و مصادر دخل مستديمة،،،
طيب حصل ايه بعد كده
تابعونا،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق